المادّة فينفعل بالملاقاة لا محالة ، ومن هنا ذكر أن شمول الأخبار المستفاد منها حكم الجاري لهذه الصورة غير واضح. وعلى هذا الاحتمال كان اعتبار دوام النبع عبارة أُخرى عن اعتبار اتصال الماء بالمادّة لأن المادّة إذا لم تمدّ الماء فلا محالة تكون منقطعة وغير متصلة بالماء.

الخامس : أن يراد بالدوام نبع المادّة وجريانها فعلاً ، وأمّا إذا لم تنبع بالفعل ولو لأجل مانع لا لأجل ضعفها وفتورها ، بل لحصر أطرافها على ما هو الغالب في الآبار إذ المادّة إنما تنبع إلى أن يساوي المقدار الخارج منها المجتمع في البئر للماء الموجود في المادّة وفي عروق الأرض ، وينقطع النّبع بعد ذلك فيحكم عليه بالانفعال ، وعلى الجملة لا يكفي اقتضاء النبع في الحكم بالاعتصام بل يعتبر فيه فعلية النّبع.

وفساد هذا الاحتمال من الظهور بمكان لأن احتمال اعتبار الجريان الفعلي إنما يصح فيما إذا كان الحكم مترتباً في لسان الدليل على عنوان الجاري ويقال وقتئذٍ إن حكمه لا يأتي في مثل الآبار المسدودة الأطراف لعدم الجريان الفعلي فيها ، ولكن الحكم في الدليل إنما رتب على عنوان ماله المادّة ، ومن الظاهر أن الآبار المذكورة مما له مادّة قطعاً ، وهذا العنوان صادق عليها بلا ريب وليس اعتصام الآبار متفرعاً على اعتصام الجاري حتى يحتمل فيها اعتبار الجريان الفعلي أيضاً بل الأمر بالعكس ، وإنما استفدنا حكم الجاري من قوله عليه‌السلام لأن له مادّة في صحيحة ابن بزيع الواردة في البئر حيث تعدينا من موردها إلى كل ماله مادّة.

وأمّا اعتبار فعلية النبع وعدم كفاية الاقتضاء بالمعنى المتقدم وهو كون المادّة بحيث يخرج منها بدل المتحلل من الماء ويستمد منه ، فلم يقم عليه دليل بل الغالب في الآبار أن مادّتها تقتضي النبع بمقدار المتحلل من مائها ولا تنبع فيها دائماً فإنه يؤدي إلى غرق العالم كلّه.

السادس : أن يراد بالدوام ما ذكره الماتن قدس‌سره في الكتاب وهو أن تكون المادّة طبيعية موجبة للجريان بطبعها في مقابل المواد الجعلية كما إذا جعلنا مقداراً من الماء على مكان منخفضة الأطراف أو فاض البحر أو النهر واجتمع الماء من فيضانهما في الغدران وأوجب النبع في الأمكنة المنخفضة عنها ، فإنها أيضاً مواد فعلية تنقطع بعد‌

۴۸۵۱