أحدها : أنّه موهون بإعراض قدماء الأصحاب فيسقط عن درجة الاعتبار.

والجواب عنه واضح ، فإنّه بعد تسليم كبرى الوهن بالإعراض فالصغرى ممنوعة ، فإنّ جمهور المتأخّرين قد عملوا به كما أنّ الشيخ وابن حمزة من القدماء عملوا أيضاً. نعم ، جماعة منهم بين أربعة أشخاص أو خمسة لم يعملوا ، ولا ريب في عدم تحقّق الإعراض بهذا المقدار كما لا يخفى.

ثانيها : أنّه لا تعرّض في الصحيح إلى الخمس بوجه لا سؤالاً ولا جواباً ، بل الظاهر من سياقه أنّه ناظر إلى السؤال عن زكاة الذهب والفضّة بعد الإخراج من معدنهما ، وبما أنّهما غير مسكوكين حينئذٍ ولا زكاة إلّا في المسكوك فجوابه عليه‌السلام بالوجوب بعد بلوغ النصاب محمولٌ على التقيّة ، لموافقته لمذهب الشافعي (١).

وفيه أوّلاً : أنّ المعدن المذكور في السؤال مطلق يشمل عامّة المعادن ، فتخصيصه بالذهب والفضّة بلا موجب ، بل عارٍ عن كل شاهد.

وثانياً : أنّ حمل كلمة «شي‌ء» الواردة في السؤال على خصوص الزكاة أيضاً بلا موجب ، بل هو يشمل كلّ ما افترضه الله في هذا المال الشامل للخمس ، فقوله عليه‌السلام في الجواب : «ليس فيه شي‌ء» أي ليس فيه شي‌ء من حقّ الله إلّا أن يبلغ النصاب لا الزكاة بخصوصها ، إذ لا قرينة عليها كما عرفت.

وثالثاً : أنّ الظاهر من قوله عليه‌السلام : «ما يكون في مثله الزكاة» أنّ موضوع البحث ومورد السؤال والجواب شي‌ء آخر غير زكاة الذهب والفضّة ، ولذا جعله مماثلاً لها ، وإلّا لكانت هذه الجملة ملغية وأصبحت مستدركة ، وكان الأحرى أن يقول : حتى يبلغ عشرين ديناراً ، الذي هو أخصر وأسلس ، وليس ذلك الشي‌ء إلّا الخمس كما لا يخفى.

__________________

(١) الأُم ٢ : ٤٠ ، المجموع ٦ : ٢.

۳۸۶