ويدلّ على ذلك صريحاً صحيحته السابقة (١) المتضمّنة لمكاتبة إبراهيم بن محمّد الهمداني إلى الهادي عليه‌السلام وسؤاله عن كتاب أبيه الجواد عليه‌السلام فيما أوجبه على أصحاب الضياع من نصف السدس ، واختلاف الأصحاب في ذلك ، وجوابه عليه‌السلام بوجوب الخمس بعد المئونة ، الكاشف عن اختصاص نصف السدس بزمان أبيه عليه‌السلام ، وأنّ حكم الضيعة هو الخمس ، غير أنّه عليه‌السلام اكتفى عنه بهذا المقدار.

ومنها : قوله عليه‌السلام : «فأمّا الغنائم والفوائد» إلخ ، حيث أشكل عليه المحقّق الهمداني قدس‌سره (٢) بأنّه يظهر منه أنّ الأرباح غير داخلة في الغنائم ، ولأجله أسقط الخمس في الأوّل وأثبته في الثاني ، فيظهر التغاير من المقابلة واختلافهما من حيث المصرف ، وأنّ خمس الأرباح يختصّ بالإمام عليه‌السلام ، ولأجله تصرّف عليه‌السلام فيه رفعاً وتخفيفاً.

وهذا الإشكال أيضاً لا يرجع إلى محصّل ، لأنّ المذكور فيها لو كان هو الغنائم فقط لأمكن الاستظهار المزبور ، ولكن اقترانها بالفوائد قرينة قطعيّة على أنّ المراد بها معنى عام يشمل مطلق الأرباح وغيرها ، غايته الالتزام بخروج صنف خاصّ من الفوائد ، وهي المذكورة قبل ذلك ممّا أُسقط عنه الخمس أعني : أرباح التجارات ونحوها ونتيجته ارتكاب التخصيص الذي ليس بعزيز ، فيثبت الخمس في غير ما ذكر من الفوائد.

وبعبارة اخرى : ما يحتمل فيه الاختصاص هو لفظ الغنائم ، فيدّعى كما قيل باختصاصه بغنائم دار الحرب ، وأمّا الفوائد فهي مطلقة قطعاً ولا مجال فيها للتوهّم المزبور بتاتاً ، فاقتران الأوّل بالثاني قرينة قاطعة على اتّحاد المعنى

__________________

(١) المتقدّمة في ص ٢٠١.

(٢) مصباح الفقيه ١٤ : ٢٠١.

۳۸۶