ويوجبه قولهم : «كفى بهند» بترك التاء ، فإن احتجّ بالفاصل فهو مجوز لا موجب؛ بدليل ﴿وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَة﴾ (الأنعام / ٥٩) فإن عُورض بقولك : «أحسنْ بهند» فالتاء لاتلحق صيغ الأمر ، وإن كان معناها الخبر.
قالوا : ومن مجيء فاعل «كفى» هذه مجرداً من الباء قول سُحيم :
٧٥ ـ عُمَيْرَةَ وَدّعْ إنْ تَجهَّزْت غاديا
كفى الشّيبُ والإسلامُ للمرء ناهيا (١)
ووجه ذلك ـ على ما اخترناه ـ : أنه لم يستعمل «كفى» هنا بمعنى «إكتفِ» ولاتزاد الباء في فاعل «كفى» التي بمعنى «أجزأ وأغنى» ولا التي بمعنى «وقى» والاُولى متعدية لواحد كقول أميرالمؤمنين عليهالسلام : «كفاك أدباً لنفسك اجتنابُ ما تكرَهُهُ من غيرك» (٢).
والثانية متعدية لا ثنين ، نحو ﴿وكَفَى الله المؤمنينَ القِتال﴾ (الأحزاب / ٢٥).
والضرورة كقول قيس بن زهير :
٧٦ ـ ألم يأتيك والأنباء تَنْمي
بما لاقتْ لَبونُ بني زياد (٣)
وقال ابن الضائع : إن الباء متعلقة بـ «تنمي» ، وإن فاعل «يأتي» مضمر ، فالمسألة من باب الإعمال.
الثاني : مما تزاد فيه الباء المفعول ، نحو قوله تعالى : ﴿ولاتُلْقُوا بِأيدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (البقرة / ١٩٥) (وهُزِّي إليكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (مريم / ٢٥) وقوله (٤) :
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ١/٣٢٥.
٢ ـ نهج البلاغة : ح ٤٠٤/١٢٧٨.
٣ ـ شرح شواهد المغني : ١/٣٢٨.
٤ ـ لم يسم قائله و «بني جعدة» منصوب على الاختصاص وروي بالرفع أيضاً. شرح أبيات مغني اللبيب : ٢ /٣٦٦.