وقع النجس عليه.

أمّا الجواب عن أوّل الوجهين فبما تقدّم من أن بيان طهارة الأشياء ونجاستها وإن كان وظيفة الإمام ، إلاّ أن استفادة الطهارة من عدم حكمه عليه‌السلام بالنجاسة إنّما يتم فيما إذا كان عليه‌السلام في مقام البيان من تلك الناحية ، وليس الإمام في الرواية بصدد بيان أن الجاري لا ينفعل بالملاقاة ، وإنّما هو بصدد بيان أن المتنجس بالبول لا بدّ من أن يغسل في المركن مرتين وفي الجاري مرة واحدة ، ومع عدم كونه في مقام البيان كيف يمكن أن يتمسك بإطلاق كلامه.

وأمّا الجواب عن ثاني الوجهين فهو أن ما أفاده من اعتبار ورود الماء القليل على النجس في التطهير به أوّل الكلام ، وهي مسألة خلافية لا يمكن أن يستدل بها على شي‌ء وسيأتي منّا في محلّه (١) عدم اعتبار ذلك في غير الغسلة التي يتعقبها طهارة المحل وفي غسل الثوب المتنجس بالبول في المركن لإطلاق صحيحة محمد بن مسلم فانتظره ، هذا أوّلاً.

وثانياً : هب أنّا اعتبرنا ورود الماء على النجس في التطهير به ، إلاّ أنّه لا مانع من الالتزام بتخصيص ما دلّ على اعتبار ذلك بإطلاق تلك الصحيحة ، فبها نخرج عمّا يقتضيه دليل اعتبار الورود في خصوص الجاري القليل ، فإن اعتباره على تقدير القول به لم يثبت بدليل لفظي مطلق حتى تقع بينهما المعارضة ، وسيتّضح ذلك في محلّه زائداً على ذلك إن شاء الله.

ثم إنّه ليس فيما ذكرناه أيّ تناف للالتزام بنجاسة الغسالة ، ولا مانع من أن نكتفي بورود النجس على الماء في التطهير به ونلتزم بنجاسة غسالته بعد غسله فلا تغفل.

واستدلّ على اعتصام الجاري القليل رابعاً بصحيحة داود بن سرحان قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في ماء الحمّام؟ قال : هو بمنزلة الماء الجاري » (٢) وقد شبّه ماء الحمّام بالماء الجاري مطلقاً ، فيستفاد منها أن الجاري بإطلاقه معتصم‌

__________________

(١) قبل المسألة [٣٠٨].

(٢) الوسائل ١ : ١٤٨ / أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ١.

۴۸۵۱