وقع فيه الدم ، فإن الدم يقتضي تغيّر لون الماء لولا ذلك المانع وهو انصباغ الماء بالحمرة قبل ذلك ، أو جعلت الميتة قريبة من الماء حتى نتن بالسراية وبعد ما صار جائفاً وقعت عليه ميتة ، فإنّها تغيّر الماء بالنتن لولا اكتسابه النتن بالسراية قبل ذلك فعدم التغيّر مستند إلى وجود المانع في هذه الصورة ، هذه هي صور التقدير ولا نتعقل له صورة غيرها.

أمّا الصورتان : الاولى والثانية : فلا ينبغي الإشكال في عدم كفاية التقدير فيهما لأنّ الانفعال قد علق على حصول التغيّر في الماء والمفروض أنّه غير حاصل لا واقعاً ولا ظاهراً ، إما لقصور المقتضي وإما لفقدان شرطه ، ومثله لا يوجب الانفعال وإن نسب إلى العلاّمة قدس‌سره القول بكفاية ذلك ، حيث جعل التغيّر طريقاً إلى كم خاص من النجس (١).

وأمّا الصورة الثالثة : فالتحقيق أن التقدير بهذا المعنى كاف في الحكم بالانفعال إذ الفرض أن التغيّر حاصل واقعاً لتمامية المقتضي والشرط ، غاية الأمر أن الحمرة أو النتن يمنع عن إدراكه وإلاّ فالأجزاء الدموية موجودة في الماء وإن لم يشاهدها الناظر لحمرته ، وهو نظير ما إذا جعل أحد على عينيه نظارة حمراء ، أو جعل الماء في آنية حمراء فإنّه لا يرى تغيّر الماء إلى الحمرة بالدم حيث إنّه يرى الماء أحمر لأجل النظارة أو الآنية ، والأحمر لا ينقلب إلى الحمرة بإلقاء الدم عليه مع أنّه متغيّر واقعاً.

وأظهر من جميع ذلك ما إذا فرضنا حوضين متساويين كلاهما كر وقد صبغنا أحدهما بصبغ أحمر ، وفرضنا أيضاً مقداراً معيناً من الدم فنصفناه ، وألقينا كل نصف منه على كل واحد من الحوضين ، وتغيّر بذلك الحوض غير المنصبغ بالصبغ أفلسنا نحكم حينئذٍ بتغيّر المنصبغ أيضاً بالدم؟ لأن الماءين متساويان ، وما القي على أحدهما إنّما هو بمقدار الملقى على الآخر وإن لم نشاهد تغيّر الثاني لاحمراره بالصبغ (٢) وكيف‌

__________________

(١) نسب السيِّد الحكيم قدس‌سره في المستمسك ١ : ١٢١ إلى العلامة في القواعد ١ : ١٨٣.

(٢) فإن الماء كما ادعوه لا لون له غير لون الماء كما أن الشعر لا لون له غير البياض ، وإنّما يرى الماء أو الشعر أحمر أو أصفر أو بغيرهما من الألوان لأجل ما يدخلهما من الأجزاء المتلونة ، فهما

۴۸۵۱