يذهب الريح ويطيب طعمه. وبالجملة فالمقدار المتيقن منها هو الحكم بالانفعال في التغيّر بالنجس ، فلا بدّ من الاقتصار عليه ، هذا كلّه في هذه الرواية. وأمّا سائر الروايات فهي بأجمعها كما عرفت واردة في التغيّر بأعيان النجاسات من الميتة والبول ونحوهما ، ولا يستفاد من شي‌ء منها انفعال الماء بالتغيّر بالمتنجسات فراجع.

وحيث قلنا بعدم الانفعال في الصورة الثانية فلا بدّ من التكلّم في الصورة الأُولى أيضاً ، ليرى أن التغيّر فيها يوجب الانفعال أو لا يوجبه ، وهي ما إذا تغيّر الماء بملاقاة المتنجس ولكن لا بأوصاف نفسه بل بأوصاف النجس ، وقد أشار إليه في المتن بقوله : نعم لا يعتبر أن يكون ... والمعروف انّه يوجب الانفعال وقد استدلّ عليه بوجوه :

أحدها : أن تغيّر الماء بالأعيان النجسة قليل ، ولا يوجد إلاّ نادراً ولا يصح حمل إطلاقات التغيّر على الفرد النادر ، فلا محيص من تعميمه إلى التغيّر بالمتنجسات أيضاً فيما إذا أوجبت تغيّر الماء بأوصاف النجس ، والوجه في ذلك : أنّ الميتة أو غيرها من النجاسات إذا وقعت في كر أو أكثر منه فهي إنّما تغيّر جوانبها الملاصقة لها في شي‌ء من أوصافها الثلاثة أوّلاً ، ثم تغيّر حوالي ما يتصل بها وما جاورها ثانياً ، ثم تلك المجاورات تغيّر مجاوراتها الملاصقة وهكذا ... إلى أن ينتهي إلى آخر الماء ، فالميتة مثلاً تغيّر الماء بواسطة المجاورات المتنجسة لا بنفسها وبلا واسطة ، فلا محيص من تعميم التغيّر الموجب للانفعال إلى التغيّر بأوصاف النجس إذا حصل بملاقاة المتنجس.

وهذا الوجه وإن ذكر في كلمات الأكثرين ولكنّه لا يخلو عن مناقشة ، لأنّ سراية التغيّر إلى مجموع الماء وإن كانت بواسطة المتنجسات لا بعين النجاسة كما ذكر ، إلاّ أن الدليل لم يدلنا على نجاسة الماء المتغيّر بملاقاة المتنجس وإن كان التغيّر بأوصاف النجس ، فإن الدليل إنّما قام على انفعال الماء المتغيّر بملاقاة نفس النجس ، فلا بدّ من الاقتصار عليه.

ثانيها : صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع المتقدمة ، فإن إطلاق قوله عليه‌السلام فيها « لا يفسده شي‌ء إلاّ أن يتغيّر ... » يشمل كل ما هو صالح للتنجيس ، ومن الظاهر أن المتنجس الحامل لأوصاف النجس كالماء المتغيِّر بأوصاف النجاسة صالح لأن يكون منجساً ، ومن هنا ينجس ملاقيه من الماء القليل واليد وغيرهما ، فإطلاق‌

۴۸۵۱