الكتاب أن الصورة الثانية كالثالثة غير معقولة ، ثم على تقدير إمكان الصورتين فالماء محكوم بالنجاسة دون الطهارة.

فلنا في المقام دعويان إحداهما : أن الصورتين مستحيلتان ، وثانيتهما : أن الحكم فيهما على تقدير إمكانهما هو النجاسة دون الطهارة.

وقبل الشروع في إثبات الدعويين ينبغي أن يعلم أن مفروض كلام السيد قدس‌سره هو صورة ملاقاة المضاف النجس للماء الذي هو بمقدار الكر خاصة ، لا ما يزيد عليه ولا الجاري ولا غيرهما مما له مادة أو ما في حكمها مما يعتصم به على تقدير انفعاله ، وذلك لأن الماء إذا كان أكثر من كر واحد وحصلت الإضافة في مقدار منه بحيث كان غير المتغير كراً فلا يبقى وجه للحكم بالانفعال في الجميع ، فإن غير المقدار المضاف منه باق على طهارته وهذا ظاهر. نعم ، المقدار المتغير منه محكوم بالنجاسة ما دام متغيراً فإذا زال عنه تغيره بنفسه نحكم عليه بالطهارة لاتصاله بالكر. وقد دلتنا على ذلك صحيحة ابن بزيع الواردة في البئر (١) ، لدلالتها على أن ماء البئر إذا تغير ينزح حتى يذهب ريحه ويطيب طعمه ، وانّه يطهر بذلك معللاً بأن له مادة ، والعلّة المذكورة متحققة في المقام أيضاً ، ولأجل هذا لم يضف قدس‌سره الجاري على الكر في عنوان المسألة كما أضافه عليه في الفرع المتقدم على هذا الفرع. وإذا عرفت ذلك فلنرجع إلى ما كنّا بصدده فنقول :

أمّا الصورة الأُولى : وهي ما إذا استهلك المضاف في الماء ولم يوجب إضافته بالفعل وإنّما صار سبباً لصيرورته مضافاً بعد زمان ، فلا إشكال في معقوليتها وإمكانها ، وأن حكمها هو الطهارة وسيأتي نظيره في أحكام التغير فيما إذا لاقت النجاسة ماء ولم تغيره حين ملاقاته وإنّما أوجبت تغيره بعد مضي زمان.

وأمّا الصورة الثالثة : فهي كما أشرنا إليه غير معقولة ، بيان ذلك : أن المراد بالاستهلاك هو انعدام المستهلك انعداماً عرفياً ، على نحو يعد المركب من المضاف والماء شيئاً واحداً عرفاً فكأن المضاف لا وجود له أصلاً ، لاندكاكه في ضمن المطلق‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٤١ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١٢ ، وفي ص ١٧٢ ب ١٤ ح ٦.

۴۸۵۱