أبيك عليه‌السلام بكذا وكذا ، فصعب عليّ ذلك ، فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية ، فكتب عليه‌السلام إليَّ : كل أعمال البرّ بالصبر يرحمك الله ، فان كان ما تعمل وحشياً ذكيا فلا بأس » (١). فان المراد بنفي البأس نفي نجاسة الجلود بقرينة قوله في صدرها « فتصيب ثيابي » أي ينجسها ومن هنا أمره الرضا عليه‌السلام باتخاذ ثوب لصلاته ومقتضى تعليق الطهارة على كونها ذكية أن موضوع النجاسة هو ما لم يذك ، ومعه لا حاجة إلى تجشم دعوى أن الميتة هي غير المذكى.

ويردها أمران :

أحدهما : أن الرواية غير قابلة للاعتماد لجهالة أبي القاسم الصيقل.

وثانيهما : عدم تمامية دلالتها لأن الحصر فيها إضافي بمعنى أن عمله كان دائراً بين الميتة والمذكى ولم يكن مبتلى بغيرهما ، فحصره الطهارة في المذكى إنما هو بالإضافة إلى ما كان يبتلي به في مورد عمله وهذا لا ينافي ترتب النجاسة على عنوان الميتة دون غير المذكى.

ومما يدلنا على هذا دلالة قطعية أنه عليه‌السلام أخذ الوحشية في موضوع الحكم بطهارة الجلود وقال : فان كان ما تعمل وحشياً ذكيا فلا بأس ، ومن الضروري أنه لا دخالة للوحشية في طهارة المذكى بوجه ، وهذه قرينة قطعية على أن حكمه هذا إنما هو بلحاظ مورد عمل السائل ، فإنّه كان يدور بين جلود الميتة وبين جلود الوحشي الذكي فلا دلالة في ذلك على ترتب النجاسة على عنوان غير المذكى. والمتحصل أنه لا بدّ من التفكيك بين حرمة الأكل وعدم جواز الصلاة وبين النجاسة وحرمة الانتفاع ، فإن الأولين يترتبان على أصالة عدم التذكية بخلاف الثانيين.

وممن وافقنا على هذا صاحب الحدائق قدس‌سره حيث ذهب إلى طهارة ما يشك في تذكيته من اللّحوم والجلود وغيرهما نظراً إلى أصالتي الطهارة والحلية (٢) وهو قدس‌سره وإن أصاب المرمى في النتيجة أعني الحكم بالطهارة إلاّ أنه أخطأ في‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٨٩ / أبواب النجاسات ب ٤٩ ح ١ ، وص ٤٦٢ ب ٣٤ ح ٤.

(٢) الحدائق ٥ : ٥٢٦.

۴۸۵۱