لا تجري؟ ففيه تفصيل وذلك لأنّا إن قلنا بما بنى عليه شيخنا الأُستاذ قدس‌سره (١) من أن الاستثناء إذا علّق على عنوان وجودي وكان المستثنى منه حكماً إلزامياً أو ملزوماً له كما في المقام ، فلا بدّ من إحراز ذلك العنوان الوجودي في الخروج عن الإلزام أو ملزومه ، مثلاً إذا نهى السيد عبده عن أن يأذن لأحد في الدخول عليه إلاّ لأصدقائه فلا يجوز له الإذن لأحد في الدخول إلاّ بعد إحراز صداقته ، فلا محالة نلتزم بعدم جريان قاعدة الطهارة في المقام ، لأن المستثنى من الحكم بالانفعال عنوان وجودي أعني الكر من الماء وهو غير محرز على الفرض ، وإحرازه معتبر في الحكم بعدم الانفعال. وأمّا إذا لم يتم ما أفاده كما لا يتم ذلك لما بيناه في الأُصول ويأتي تفصيله في محلّه فلا مانع من جريان قاعدة الطهارة فيه للشك في طهارته ، هذا فيما إذا كان الخليط بمقدار كر ، وأمّا إذا كان أقل منه فهو محكوم بالانفعال بالملاقاة مطلقاً كان أم مضافاً ولا شكّ في نجاسته.

الصورة الثالثة : ما إذا توارد على المائع الملاقي للنجس حالتان متضادتان ، كما إذا علمنا بإطلاقه في زمان وإضافته في زمان آخر وشككنا في المتقدم والمتأخر منهما ، وقد عرفت أن الاستصحاب الحكمي غير جار في المقام لأجل الشكّ في بقاء موضوعه وارتفاعه ، ومعه لا يجري الاستصحاب في الأحكام لأنّه من الشبهة المصداقية. وأمّا الاستصحاب الموضوعي فهو أيضاً لا يجري في المقام ، لأنّه بناء على ما ذهب إليه صاحب الكفاية قدس‌سره لا مجرى له أصلاً ، لعدم إحراز اتصال زمان اليقين بالشكّ وإحرازه معتبر عنده (٢) ، وأمّا بناء على المختار فهو وإن كان يجري في نفسه ، إلاّ أنّه يسقط من جهة المعارضة باستصحاب مقابله ، والنتيجة على كلا المسلكين عدم جريان الاستصحاب على كل تقدير.

وأمّا قاعدة الطهارة في نفس الماء عند الشكّ في انفعاله فالكلام فيها هو الكلام المتقدم في الصورة الثانية ، إذ لا مجرى لها على مسلك شيخنا الأُستاذ قدس‌سره كما‌

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ٤٦٤.

(٢) كفاية الأُصول : ٤١٩.

۴۸۵۱