الموثقة هي الحلية المجردة ، ولم يرد منها ما أُعد للأكل ، وقد دلت بصراحتها على جواز الصلاة في بول كل ما كان كذلك من الحيوانات ، ومنها الحمير والبغل والفرس ويستفاد منها طهارة أبوالها ، لضرورة بطلان الصلاة في النجس (١).

ويظهر الجواب عن ذلك بما نبّهنا عليه آنفاً ، وحاصله أن دلالة الموثقة على طهارة أبوال الدواب الثلاث إنما هي بالظهور والالتزام ، ولم تدل على هذا بصراحتها. وإذن فلا مانع من تخصيصها بالأخبار المتقدمة الصريحة في نجاسة أبوالها. وبعبارة اخرى : أن الموثقة إنما دلّت على جواز الصلاة في أبوال الدواب الثلاث من حيث إنها محلّل الأكل في طبعها وبالالتزام دلت على طهارتها ، والأخبار المتقدمة قد دلت بالمطابقة على نجاسة أبوالها ، فلا محالة تخصص الموثقة بما إذا كانت الحلية مستندة إلى استعدادها للأكل.

وعلى الجملة لا محذور في الحكم بنجاسة أبوال الحيوانات الثلاثة ، إلاّ أن ما يمنعنا عن ذلك ، ويقتضي الحكم بطهارة أبوالها ملاحظة سيرة الأصحاب من لدن زمانهم عليهم‌السلام الواصلة إلينا يداً بيد ، حيث إنها جرت على معاملتهم معها معاملة الطهارة ، لكثرة الابتلاء بها ، وبالأخص في الأزمنة المتقدمة فإنّهم كانوا يقطعون المسافات بمثل الحمير والبغال والفرس ، فلو كانت أبوالها نجسة لاشتهر حكمها وذاع ولم ينحصر المخالف في طهارتها بابن الجنيد والشيخ قدس‌سرهما ولم ينقل الخلاف فيها من غيرهما من أصحاب الأئمة والعلماء المتقدمين ، وهذه السيرة القطعية تكشف عن طهارتها ، وبها تحمل الأخبار المتقدمة الصريحة في نجاسة الأبوال المذكورة على التقيّة ، فإنّ العامّة ولا سيّما الحنفية منهم ملتزمون بنجاستها (٢) وقد اعترف بما ذكرناه‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٧٥ السطر ٢٥.

(٢) قدّمنا شطراً من أقوالهم في هذه المسألة في تعليقة ص ٥٧ عن ابن حزم في المحلى وننقل جملة أُخرى من كلماتهم في المقام لمزيد الاطلاع : قال في بدائع الصنائع للكاشاني الحنفي ج ١ ص ١٦١ بول ما لا يؤكل لحمه نجس وأمّا ما يؤكل لحمه فعند أبي حنيفة وأبي يوسف نجس وعند محمّد طاهر. وبهذا المنوال نسج في المبسوط ج ١ ص ٥٤. وفي عمدة القارئ للعيني

۴۸۵۱