وأمّا إذا علم بنجاسة أحدهما المعيّن ، وطهارة الآخر فتوضأ ، وبعد الفراغ شكّ في أنه توضأ من الطاهر أو من النجس ، فالظاهر صحة وضوئه لقاعدة الفراغ (١). نعم ، لو علم أنه كان حين التوضؤ غافلاً عن نجاسة أحدهما يشكل جريانها.


يشك في كيفية عمله ، وأنه أتى به بأي وجه إلاّ أنه لو كان ملتفتاً حال عمله ، وكان غرضه هو الامتثال وإفراغ ذمته عن التكليف لم يحتمل في حقه النقص عمداً لأنه خلاف فرض التفاته ، ونقض لغرضه أعني إفراغ ذمّته واحتمال نقصه غفلة مندفع بأصالة عدم الغفلة ، وبهذا يحكم بصحة عمله إلاّ أن ذلك يختص بصورة التفات الفاعل حال عمله ، وكذلك الحال فيما إذا احتمل الالتفات حال عمله. وأمّا إذا كان عالماً بغفلته حين عمله ، فاحتمال عدم النقيصة في عمله لا يستند إلاّ إلى احتمال الصدفة غير الاختيارية ، وليس إتيانه العمل صحيحاً مطابقاً للارتكاز ، وعلى هذا لا بدّ من اعتبار احتمال الالتفات حال العمل في جريان القاعدة.

هذا على أن هناك روايتين : إحداهما : موثقة بكير بن أعين قال : « قلت له : الرجل يشك بعد ما يتوضأ ، قال : هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك » (١).

وثانيتهما : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إن شكّ الرجل بعد ما صلّى فلم يدر أثلاثاً صلّى أم أربعاً وكان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم ، لم يعد الصلاة ، وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك » (٢). وهما تدلان على اعتبار الأذكرية والأقربية حال العمل أعني الالتفات إلى ما يأتي به من العمل في مقام الامتثال في جريان قاعدة الفراغ ، فلو تمّ إطلاق بقية الأخبار ولم تكن منصرفة إلى ما ذكرناه ففي هاتين الروايتين كفاية لتقييد إطلاقاتها بصورة الالتفات.

(١) لالتفات المكلف إلى نجاسة أحدهما المعيّن وطهارة الآخر ، وإنما يشك في صحة وضوئه بعد الفراغ ، للشك في أنه هل توضأ من الطاهر أو من النجس ، وهو مورد‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٧١ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٧.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٤٦ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٧ ح ٣.

۴۸۵۱