السائل إنما سأله عن الإذن في التصرف في الخمس ، وهل له ربط بحرمة التصرف في الأموال حتى يتحقق سبب حليته ، فالظاهر أن مراده عليه‌السلام بذلك الإشارة إلى قوله عزّ من قائل ﴿ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ (١) فان الخمس ملكهم عليهم‌السلام فلو أرادوا الإذن لأحد في التصرف فيه لم يجز ذلك إلاّ في ضمن معاملة عن تراض من هبة أو بيع أو غيرهما من الأسباب المحللة للتصرف وإلاّ كان من أكل المال بالباطل. ثم اعتذر عليه‌السلام عن إيقاع المعاملة على الخمس بأن الخمس عوننا على ديننا ودنيانا فلا نتمكن من هبته ولا من غيرها من المعاملات ، وهذا لا لأجل عدم جوازها شرعاً ، بل لأن الخمس عونهم على معيشتهم وبذلهم فلو خرج من أيديهم لم يتمكنوا من المعيشة والبذل ، وعليه فالرواية أجنبية عن المقام رأساً.

وثالثاً : لو أغمضنا عن سندها ودلالتها فأصالة الإباحة والحلية من أحد الأسباب المحللة للتصرف في المال المشكوك إباحته ، هذا كلّه في الجهة الأُولى.

وأمّا الجهة الثانية : أعني جواز ترتيب الآثار المتوقفة على الملك فالتردد في أن المال ملكه أو ملك غيره يتصوّر على وجوه :

الأوّل : ما إذا كان المال مسبوقاً بالإباحة والحلية الأصليتين ، وقد علم بسبق أحد إليه بالحيازة ولا يعلم أنه هو نفسه أو غيره ، ولا مانع في هذه الصورة من استصحاب بقاء المال على إباحته السابقة إلى زمان الشك ، وهو يقتضي الحكم بحلية المال له فعلاً ومعناه عدم تسلّط الغير عليه بالحيازة وإلاّ لم يكن مباحاً في حقه ، وبعد ذلك يتملكه بالحيازة ، فيثبت بالاستصحاب أنه مال لم يتملكه غيره وهو الموضوع للتملّك شرعاً وبضمه إلى الوجدان أعني تملكه يثبت أنه ملكه ، ويترتب عليه جميع آثار الملكية من الانتفاعات والمعاملات.

الثاني : ما إذا كان المال حينما وجد وجد مملوكاً له أو لغيره من غير أن تكون له حالة سابقة متيقنة ، ولا يجوز في هذه الصورة ترتيب آثار الملك عليه ، وهذا كما في‌

__________________

(١) النساء ٤ : ٢٩.

۴۸۵۱