بمعنى أنه يوجب ارتفاع عنوانه ، فلا يصدق على ماء الإناء أنه ماء مستعمل في إزالة الخبث أو في رفع الحدث ، فأدلة المنع لا تشمله. ثم على تقدير تسليم شمولها لماء الإناء ففيما ورد في المسألة من الأخبار غنى وكفاية (١) لدلالتها على عدم البأس بما ينتضح من قطرات ماء الغسل في الإناء.

وما ذكرناه في المقام إذا كان المنتضح قطرة أو قطرات يسيرة ممّا لا إشكال فيه وإنما الاشكال فيما إذا كانت كثيرة ، كما إذا جمع غسالته وألقاها على ماء آخر ، وهو بمقدار ثلثه أو نصفه بحيث لم يستهلك أحدهما في الآخر فهل يصح الوضوء والغسل من مثله؟

ذهب شيخنا الأنصاري قدس‌سره إلى الجواز (٢) وهو الصحيح ، والسر في ذلك : أن عدم ارتفاع الحدث بالماء المستعمل في رفع الجنابة على خلاف القاعدة ومناف لطهوريته ، فان الماء المستعمل طاهر ومقتضى إطلاق طهوريته جواز الاكتفاء به في رفع الحدث ، فهب أنّا خرجنا عن مقتضى القاعدة برواية عبد الله بن سنان ، وقد عرفت أن موضوع المنع فيها هو عنوان الماء المستعمل ، ومن الظاهر أن الماء إذا تركب من المستعمل وغير المستعمل لم يصدق عليه عنوان المستعمل بوجه ، لأن المستعمل جزؤه لا جميعه كما هو الحال في غيره من المركبات ، فان الذهب مثلاً لا يصدق على المركب من الفضة والذهب كما لا يصدق عليه الفضة أيضاً ، وكذا في غيره فان المركب من شي‌ء لا يصدق عليه عنوان ذلك الشي‌ء ، ومع عدم صدق عنوان الماء المستعمل على المركب من الماءين يبقى تحت إطلاقات طهورية الماء لا محالة ومقتضاها جواز الاكتفاء به في رفع الحدث.

وعلى الجملة الماء المستعمل إما أن يستهلك في ضمن ماء الإناء لقلته ، وإما أن‌

__________________

(١) ففي صحيحة الفضيل قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الجنب يغتسل فينتضح من الأرض في الإناء؟ فقال : لا بأس هذا ممّا قال الله تعالى ﴿ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ المروية في الوسائل ١ : ٢١١ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١ وغيره من أخبار الباب.

(٢) كتاب الطهارة : ٥٨ السطر ٢٥.

۴۸۵۱