والمتحصل أن الرواية ضعيفة جدّاً ولا يمكن أن يعتمد عليها بوجه (١) هذا كلّه في الموضع الأوّل.

وأمّا الموضع الثاني : أعني به البحث عن دلالة الرواية ، فملخص الكلام فيه أن دلالة الرواية كسندها قاصرة ، وذلك لأن قوله عليه‌السلام « الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة ... » وإن كان مطلقاً في نفسه من جهة طهارة الثوب ونجاسته ، ومن جهة طهارة بدن الرجل ونجاسته ، وأمّا ما ذكره بعضهم من أن المراد بالثوب هو الثوب الوسخ فالنهي عن التوضؤ بالماء المستعمل في غسله محمول على التنزه فيدفعه : أنه تقييد على خلاف الإطلاق فلا يصار إليه فالإطلاق محكّم من هذه الجهة ، إلاّ أنه لا مناص من الخروج عن كلا الإطلاقين بالقرينة الداخلية والخارجية فنقول : المراد بالثوب هو خصوص الثوب المتنجس ، كما أن المراد بالرجل هو خصوص الجنب الذي في بدنه نجاسة دون مطلق الثوب والجنب وذلك للقرينة الخارجية والداخلية.

أمّا القرينة الخارجية فهي الأخبار الكثيرة الواردة لبيان كيفية غسل الجنابة الآمرة بأخذ كف من الماء ، وغسل الفرج به ثم غسل أطراف البدن (٢) حيث إنها دلت على أن غسل الفرج وإزالة نجاسته معتبر في صحة غسل الجنب فالمراد بالجنب في الرواية هو الذي في بدنه نجاسة. واحتمال أنه يغسل فرجه في مكان ويغتسل في مكان آخر‌

__________________

(١) وقد عدل عن ذلك أخيراً سيدنا الأُستاذ أدام الله أظلاله وبنى على وثاقة الرجل لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات ولبعض الوجوه الأُخر التي تعرض لها في محلها وعدم منافاة رميه بالنصب والغلو واستظهار كونه ممن لا دين له وكذا الذم واللعن الواردين في حقه مع الوثاقة في النقل كما لعلّه ظاهر. فإن الوثاقة هي المدار في الحجية والاعتبار دون العدالة والإيمان ولم يرد في حقه ما ينافي الوثاقة فلاحظ.

(٢) ورد ذلك في عدة روايات منها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن غسل الجنابة؟ قال : تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ... » ومنها صحيحة زرارة قال : « قلت كيف يغتسل الجنب؟ فقال : إن لم يكن أصاب كفه شي‌ء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ... » ومنها غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل ٢ : ٢٢٩ / أبواب الجنابة ب ٢٦ / ١ ، ٢.

۴۸۵۱