المغتسل لم يكن محدثاً ، أو من جهة البناء على أنها لا تؤثر في رفع الحدث ، وسيأتي الكلام على هذا في محلّه (١).

وحكم هذا القسم حكم الماء غير المستعمل ، فيصح استعماله في رفع الحدث بكلا قسميه كما يكتفى به في إزالة الأخباث. وبالجملة أن حاله بعد الاستعمال كحاله قبله فلا مانع من استعماله ثانياً فيما قد استعمل فيه أوّلاً من الغسل المستحب والوضوء التجديدي وهكذا ثالثاً ورابعاً ... والوجه في ذلك هو إطلاقات مطهرية الماء ، هذا.

وقد نسب إلى المفيد قدس‌سره استحباب التنزه عن المستعمل في الطهارة المندوبة من الغسل والوضوء بل المستعمل في الغسل المستحب كغسل اليد للأكل (٢) وأورد عليه الأصحاب بأنه لا دليل من الأخبار ولا من غيرها على استحباب التنزه عن الماء المستعمل ، وأجاب عن ذلك شيخنا البهائي قدس‌سره في الحبل المتين (٣) بأن المستند فيما ذكره المفيد هو ما رواه محمد بن علي بن جعفر عن الرضا عليه‌السلام في حديث قال : « من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن إلاّ نفسه ... » (٤) فإن إطلاق الغسل في قوله « من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه ... » يعم الغسل الواجب والمندوب ، وتعجب عن أن الأصحاب كيف لم يلتفتوا إلى هذا الحديث قائلاً بأن أكثرهم لم يتنبهوا له.

وأورد عليه في الحدائق (٥) بأن صدر الرواية وإن كان مطلقاً كما عرفت إلاّ أن ذيلها قرينة على أن مورد الرواية إنما هو ماء الحمام ، حيث ورد في ذيلها : « فقلت : إن أهل المدينة يقولون : إن فيه شفاء من العين فقال : كذبوا ، يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل من خلق الله ، ثم يكون فيه شفاء من العين » وعليه فظاهر الرواية كراهة الاغتسال من ماء الحمام الذي يغتسل فيه الجنب وغيره‌

__________________

(١) في المسألة [٤٨٧].

(٢) المقنعة : ٦٤.

(٣) حبل المتين : ١١٦.

(٤) الوسائل ١ : ٢١٩ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٢.

(٥) الحدائق ١ : ٤٣٧.

۴۸۵۱