قال : « وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر ، هل يصلح أن يتوضأ منها؟ قال : ينزح منها دلاء يسيرة ثم يتوضأ منها ... » (١) لأن قوله عليه‌السلام ثم يتوضأ منها قرينة على أن نزح الدلاء المذكورة إنما كان مقدمة لتطهير البئر ومن هنا جاز التوضؤ منها بعده ولم يجز قبل نزحها.

ومنها : ما اشتملت عليه بعض الأخبار من كلمة « يطهرها » كما في صحيحة علي ابن يقطين ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن البئر تقع فيها الحمامة ، والدجاجة والفأرة أو الكلب ، أو الهرة؟ فقال : يجزيك أن تنزح منها دلاء ، فإن ذلك يطهّرها إن شاء الله تعالى » (٢) وصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول ، أو دم ، أو يسقط فيها شي‌ء من عذرة كالبعرة ونحوها ، ما الذي يطهّرها حتى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟ فوقّع عليه‌السلام بخطه في كتابي : ينزح دلاء منها » (٣). فان قوله عليه‌السلام في الرواية الأُولى « يطهرها » صريح في نجاسة البئر بوقوع شي‌ء من النجاسات المذكورة فيها وأن النزح يطهرها ، كما أن قول السائل في الرواية الثانية « ما الذي يطهرها » يكشف عن أن نجاسة البئر بملاقاة النجاسة كانت مفروغاً عنها عنده ، وقرره الإمام عليه‌السلام على اعتقاده حيث بيّن مطهّرها وهو نزح دلاء يسيرة ، ولم يردع عن اعتقاده ذلك.

وعلى الجملة أن هذه الأخبار بضميمة القرائن المتقدمة صريحة الدلالة على أن البئر تنفعل بملاقاة النجس ، وأن النزح لإزالة النجاسة عنها.

الطائفة الثانية : ما دلّ على منع الجنب من أن يقع في البئر ويفسد ماءها ، كما في صحيحة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام المروية بطريقين قال : « إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلواً ولا شيئاً تغرف به ، فتيمّم بالصعيد فان ربّ‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٩٣ / أبواب الماء المطلق ب ٢١ ح ١.

(٢) الوسائل ١ : ١٨٣ / أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٢.

(٣) الوسائل ١ : ١٧٦ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢١.

۴۸۵۱