ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك كلّه بين كثرة الماء في البئر وقلته.

ومن جملة الروايات الدالّة على عدم انفعال البئر بالملاقاة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : « سألته عن بئر ماء وقع فيها زبيل ( زنبيل ) من عذرة رطبة أو يابسة ، أو زبيل من سرقين أيصلح الوضوء منها؟ قال : لا بأس » (١). حيث دلت على عدم انفعال ماء البئر بملاقاة العذرة. لعدم جواز الوضوء من الماء المتنجس بالضرورة ، وتوضيح دلالتها : أن السائل فرض أن العذرة كانت بمقدار زنبيل فان الزنبيل ينسج من أوراق الأشجار وأمثالها ولا معنى لكونه من العذرة ليكون السؤال عن وقوع زنبيل معمول من العذرة في البئر ، بل السؤال إنما هو عن وقوع عذرة فيها هي بقدر زنبيل وأنه يقتضي انفعالها أو لا يقتضيه ، وأجابه عليه‌السلام بقوله لا بأس. أي لا بأس بالوضوء من الماء الذي لاقته عذرة بقدر الزنبيل ، فدلالتها على عدم انفعال البئر بملاقاة العذرة واضحة.

والمناقشة فيها بأن ما لاقى الماء قطعاً هو الزنبيل ، ولم يعلم أن العذرة أيضاً لاقت الماء ، فلا دلالة لها على اعتصام ماء البئر عن الانفعال.

ساقطة أساساً لما عرفت من أن المفروض هو ملاقاة العذرة للماء ، وهي بقدر الزنبيل لا أن الملاقي له هو الزنبيل الذي فيه عذرة حتى يناقش في ملاقاة العذرة للماء وإلاّ لكان الأنسب أن يسأل عن زنبيل فيه عذرة لا عن زنبيل من العذرة كما في الصحيحة ، هذا أوّلاً.

وثانياً : لو سلمنا أن السؤال عن زنبيل فيه عذرة فكيف لا تلاقي العذرة للماء بعد فرض ملاقاة الزنبيل له. فهل ينسج الزنبيل من حديد وشبهه كي يمنع عن إصابة الماء للعذرة؟ فإنّه يصنع من الأوراق وهي لا تكون مانعة عن سراية الماء إلى جوفه.

وثالثاً : لو أغمضنا عن ذلك أيضاً ، فكيف يسأل علي بن جعفر عن ملاقاة الزنبيل لماء البئر مع وضوح أن الزنبيل ليس من الأعيان النجسة ، ولم يفرض تنجسه حتى يوجب انفعال ماء البئر ، ولا يكاد يخفى مثل ذلك عليه فهذه المناقشة ساقطة.

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٧٢ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٨.

۴۸۵۱