الحياض نجساً فيشترط في ارتفاع نجاسته باتصال المادّة إليه أن تكون المادّة بنفسها كراً ، فلا ترتفع بها نجاسة ماء الحياض فيما إذا لم تبلغ الكر بنفسها وإن بلغ مجموعهما كراً. هذه هي أقوال المسألة.
ومنشأ اختلافها هو اختلاف الأنظار فيما يستفاد من روايات الباب ، وأن مثل قوله عليهالسلام ماء الحمام بمنزلة الجاري كما في صحيحة داود بن سرحان (١) ناظر إلى تنزيل ماء الحمام منزلة الجاري من جميع الجهات ، حتى من جهة عدم الحاجة في اعتصامه إلى بلوغ مادته كراً ، أو أنه ناظر إلى تنزيله منزلة الجاري من بعض الجهات؟ وحاصل التنزيل أن الاتصال بالمادّة الجعلية كالاتصال بالمادّة الأصلية يكفي في الاعتصام ، ولا يقدح فيه علو سطح المادّة عن سطح الحياض كما يأتي تفصيله عن قريب إن شاء الله. وليعلم قبل الخوض في تحقيق المسألة أن ما ينبغي أن يعتمد عليه من روايات المقام هو صحيحة داود بن سرحان المتقدمة ، فإن غيرها ضعاف ولا يمكن الاستدلال بها على شيء.
إلاّ أن شيخنا الأنصاري قدسسره ذهب إلى تصحيح رواية بكر بن حبيب (٢) مدعياً أنه بكر بن محمد بن حبيب ، وقد عبّر عن الابن باسم أبيه فأطلق عليه بكر بن حبيب وهو ممن وثقه الكشي في رجاله ، وهو غير بكر بن حبيب الضعيف (٣).
ولا يخفى عدم إمكان المساعدة عليه ، لأن بكر بن محمّد بن حبيب على تقدير أن تكون له رواية عنهم عليهمالسلام وليس الأمر كذلك لعدّه ممّن لم يرو عنهم إنما يروي عن الجواد عليهالسلام لمعاصرته إياه ولا يمكنه الرواية عن الباقر عليهالسلام الذي هو المراد من أبي جعفر الواقع في الحديث لأن من جملة من وقع في
__________________
(١) قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ما تقول في ماء الحمام؟ قال : هو بمنزلة الماء الجاري. المروية في الوسائل ١ : ١٤٨ / أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ١.
(٢) وهي ما عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم عن بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة » المروية في الوسائل ١ : ١٤٩ / أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٤.
(٣) كتاب الطهارة : ٨ السطر ٢٣.