وثالثة تحدث الملاقاة والكرية معاً وهو مورد الكلام في المقام ، كما إذا فرضنا انبوبين في أحدهما بول وفي الآخر ماء كر ، وقد أوصلناهما للماء في آن واحد فحصلت الملاقاة والكرية معاً بلا تقدم من أحدهما على الآخر ولو بآن ، فهل يحكم بطهارة الماء حينئذٍ أو بنجاسته؟

فيه قولان مبنيان على أن أدلة اعتصام الكر كقوله عليه‌السلام « كر ... » في جواب السؤال عن الماء الذي لا ينجسه شي‌ء (١) وقوله « إذا بلغ الماء قدر كر ... » (٢) وغيرهما من الأخبار ، هل تدل على اعتبار سبق الكرية على الملاقاة في الاعتصام أو لا يستفاد منها ذلك بوجه ، بل الكرية عاصمة عن الانفعال ولو حصلت مقارنة للملاقاة؟.

صريح كلام السيد قدس‌سره هو الثاني حيث حكم بطهارة الماء المذكور وإن احتاط بالاجتناب ، ومنشأ احتياطه هو احتمال اعتبار سبق الكرية في الاعتصام. وذهب شيخنا الأُستاذ قدس‌سره إلى نجاسة الماء في مفروض المسألة ، ولكن ما ذهب إليه السيد هو الصحيح.

وأمّا ما ذكره شيخنا الأُستاذ قدس‌سره فان اعتمد في ذلك على الوجه العقلي من لزوم تقدم الموضوع على حكمه عقلاً ، حيث إن ثبوت شي‌ء لشي‌ء فرع ثبوت المثبت له ، فبما أن الكر موضوع للحكم بعدم الانفعال بالملاقاة ، فلا بدّ أن يتحقق الكرية خارجاً في زمان متقدم على الملاقاة حتى يحكم عليها بعدم الانفعال بالملاقاة وبما أن التقدم غير متحقق في المسألة فيحكم على الماء بالانفعال.

ففيه : أن الموضوع لا بدّ من أن يتقدم على حكمه رتبة لا بحسب الزمان ، بل الموضوع وحكمه متقارنان زماناً ، ونظيرهما العلّة ومعلولها لتقارنهما زماناً وإن كانت‌

__________________

(١) كما في صحيحة إسماعيل بن جابر المروية في الوسائل ١ : ١٥٩ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٧.

(٢) وهو مضمون عدة روايات مرويات في الوسائل ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٢ ، ٥ ، ٦.

۴۸۵۱