طهور تكويني مزيل للقذارات والأوساخ كما تقدّم ، والمضاف ليس له هذا المعنى بل هو بنفسه من الأوساخ كمائي الرمّان والبطّيخ ونحوهما ، ولذا لا بدّ من إزالتهما عن الثياب وغيرها إذا تلوّثت بأمثالهما من المياه المضافة.

وثانياً : هب أنّه بمعنى الطهور شرعاً ، ولكنه لا يستكشف من عدم ذكر المضاف في الآية المباركة أنّه ليس من مصاديق الطهور ، إذ لعلّ عدم ذكره في الآية من أجل قلّة وجود المضاف ، كيف وهو لا يتحصل لأغلب الناس ليشربوه فضلاً عن أن يزيلوا به الأحداث فإنّه يحتاج إلى مئونة زائدة ويسار.

فالصحيح أن يستدل على عدم طهورية المضاف بقوله تعالى ﴿ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴿ ... فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (١) حيث حصر سبحانه الطهور في الماء والتراب فلا طهور غيرهما ، بل ولا حاجة إلى الاستدلال بالآية المباركة في المقام ، لكفاية ما ورد في الروايات الدالّة على تعيّن الوضوء والغسل بالماء ووجوب التيمم على تقدير فقدانه في إثبات المرام ، ففي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يكون معه اللّبن ، أيتوضّأ منه للصلاة؟ قال : لا ، إنّما هو الماء والصعيد » (٢) ونظيرها ما نقله عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين قال : « إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللّبن » فلا يتوضّأ باللّبن ، إنّما هو الماء أو التيمّم » (٣) فإنّ اللّبن وإن كان من المائعات التي لا يطلق عليها الماء ولو على وجه المضاف وهو خارج عن محل الكلام ، إلاّ أنّ تعليله عليه‌السلام بقوله إنّما هو الماء والصعيد أو إنّما هو الماء أو التيمم يقتضي انحصار الطهور بهما كما لا يخفى.

كشف اشتباه في كلمات الأصحاب‌

لا يخفى أن الأصحاب ( قدس الله أسرارهم ) نقلوا الآية المتقدمة في مؤلفاتهم بلفظه « إن لم تجدوا » « فإن لم تجدوا » وهو على خلاف لفظة الآية الموجودة في الكتاب ، بل‌

__________________

(١) المائدة ٥ : ٦.

(٢) و (٣) الوسائل ١ : ٢٠١ / أبواب الماء المضاف ب ١ ح ١ ، ٢.

۴۸۵۱