من الماء ، والمادّة بهذا المعنى غير متحقّقة في الماء المتأخر فإنّه لا يستمد من المادّة بوجه لانفصاله عنها فلا يصدق أنّه ماء له مادّة فحكمه حكم الراكد فينفعل إذا كان قليلاً وهذا بخلاف الماء المتصل بالمادّة المتقدم على البعض المتغيّر ، لأنّه يستمد من المادّة دائماً ويصدق حقيقة أن له مادّة ، فالحكم بطهارة الماء المتأخر بلا وجه.

ثم لو فرضنا إجمال الدليل ولم نستفد من مجموع صدر الصحيحة وذيلها دوران الاعتصام مدار الاتصال بالمادّة بالمعنى المتقدم ، واحتملنا كفاية صدق الجاري على الماء في الحكم بالاعتصام ، فالمقام من أحد موارد إجمال المخصص الذي يتردد الأمر فيه في غير المقدار المتيقن بين استصحاب حكم المخصص وبين الرجوع إلى حكم العام وهو نزاع معروف ، وذلك لأن الدليل قد دلّ بعمومه على انفعال كل ماء قليل بملاقاة النجس وقد خرج عنه القليل الذي له مادّة ، وحيث إنّا فرضنا إجمال المخصص المذكور وكان المتيقن منه هو القليل الذي يستمد من مادته فلا محيص من الاقتصار عليه في الحكم بالاعتصام ، وأمّا ما لا استمداد فيه من المادّة فيدور الأمر فيه بين استصحاب حكم المخصص والحكم بعدم الانفعال ، لأنّه قبل أن يتغيّر المتوسط منه بالنجس كان متصلاً بمادته ، وكان مشمولاً للمخصص قطعاً ، وبين الرجوع إلى عمومات انفعال القليل ، فإن رجّحنا أحدهما على الآخر فهو ، وأمّا إذا توقفنا عن ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر فيرجع إلى قاعدة الطهارة لا محالة.

ولعلّ صاحب الجواهر قدس‌سره يرجّح استصحاب حكم المخصص في أمثال المقام الذي لا يكون الزمان مأخوذاً فيه على وجه التقييد كما ذهب إليه جملة من الأعلام كشيخنا الأنصاري وصاحب الكفاية وغيرهما قدس‌سرهم بدعوى أن الشكّ إنما هو في حكمه بعد التخصيص لا في مقدار ما وقع عليه التخصيص أو أنّه يتوقّف عن الترجيح ويرجع إلى قاعدة الطهارة. وحيث إنّا اخترنا في محلّه الرجوع إلى العام مطلقاً سواء أُخذ الزمان فيه ظرفاً أم على وجه التقييد ، فالمتعيّن هو الحكم بانفعال الماء المتأخر أيضاً بمقتضى عمومات انفعال القليل. والذي يسهّل الخطب عدم إجمال المخصص بوجه ، لأنّ الصحيحة بصدرها وذيلها دلّت على أن المناط في الاعتصام هو اتصال الماء بالمادّة ، وهذا غير صادق على الماء المتأخر عن المتغيّر كما‌

۴۸۵۱