والمتحصِّل من جميع ما قدّمناه : أنّه لا مجال للخدش في هذه الصحيحة لا بالإعراض ولا بالحمل على التقيّة ، وهي ظاهرة في إرادة الخمس ، فلا مناص إذن من رفع اليد عن المطلقات وتقييدها بها ، وتكون النتيجة اعتبار النصاب في المعادن عشرين ديناراً.

نعم ، قد يعارضها روايته الأُخرى المتضمّنة لتحديد النصاب بدينار واحد المتقدِّمة آنفاً التي استند إليها الحلبي كما تقدّم (١).

وفيه أوّلاً : أنّها رواية شاذّة وقد تفرّد بالعمل بها الحلبي ولم يوافقه غيره ، فلا تنهض للمقاومة مع تلك الرواية المشهورة بين الأصحاب.

وثانياً : أنّها ضعيفة السند بمحمّد بن علي بن أبي عبد الله ، فإنّه مجهول ، بل لم يرد عنه في مجموع الفقه إلّا روايتان : أحدهما هذه التي يروي عنه البزنطي ، والأُخرى ما يروي عنه علي بن أسباط.

نعم ، بناءً على المسلك المعروف من أنّ أصحاب الإجماع ومنهم البزنطي لا يرسلون ولا يروون إلّا عن الثقة فالرجل محكوم بالوثاقة ، إذ الرواية عنه حينئذٍ توثيقٌ له ، ولكن المبنى بمراحل عن الواقع كما أشرنا إليه في مطاوي هذا الشرح مراراً. إذن فالرواية ضعيفة ولا تصلح لمعارضة ما سبق.

بل يمكن أن يقال : إنّ الدلالة أيضاً قاصرة وأنّ الجواب ناظر إلى الغوص فقط دون المعدن كما أشار إليه في الوسائل ، كما يكشف عنه تذكير الضمير في قوله : «قيمته» الراجع إلى ما يخرج من البحر دون المعادن ، وإلّا كان مقتضى القواعد تأنيثه كما لا يخفى ، فكأنه عليه‌السلام أعرض عن بيان حكم المعادن لوجود من يُتّقى منه بحيث لو بيّن الواقع وأنّ فيها النصاب عشرين ديناراً لكان

__________________

(١) في ص ٣٧.

۳۸۶