إحداهما : أنّ من تلك الأصناف ابن السبيل ، ولا ينبغي الشكّ في قلّة وجوده بالنسبة إلى الصنفين الآخرين ، بل قد لا يوجد أحياناً ، فهو نادر التحقّق.

ولازم القول بالملكيّة تخصيص سدس المغنم من كلّ مكلّف لوضوح كون الحكم انحلاليّاً لهذا الفرد الشاذّ النادر الذي ربّما لا يوجد له مصداق بتاتاً ، فيدّخر له إلى أن يوجد ، وهو كما ترى. بخلاف ما لو كان مصرفاً وكان المالك هو الطبيعي الجامع كما لا يخفى.

ثانيتهما وهي أوضح وأقوى أنّ الآية المباركة دالّة على الاستغراق لجميع أفراد اليتامى والمساكين ، بمقتضى الجمع المحلّى باللام المفيد للعموم.

وعليه ، فكيف يمكن الالتزام باستغراق البسط لآحاد الأفراد من تلك الأصناف بحيث لو قسّم على بعض دون بعض يضمن للآخرين؟! فإنّ هذا مقطوع العدم ، ومخالف للسيرة القطعيّة القائمة على الاقتصار على يتامى البلد ومساكينهم ، بل قد وقع الكلام في جواز النقل وعدمه مع الضمان أو بدونه كما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى (١).

وأمّا جواز الصرف في خصوص البلد فممّا لا إشكال فيه ، وقد جرت عليه السيرة. ومن البديهي أنّ كلمة اليتامى مثلاً لا يراد بها يتامى البلد فقط.

فهذه قرينة قطعيّة على عدم إرادة الملك وأنّ الموارد الثلاثة مصارف محضة ، ومن الواضح أنّ جعل الخمس لهم إنّما هو بمناط القرابة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عوضاً عن الزكاة المحرّمة عليهم ، ومرجع ذلك إلى أنّ النصف من الخمس ملك لجامع بني هاشم والقرابة المحتاجين من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، فالمالك إنّما هو هذا الجامع الكلّي القابل للانطباق على كلّ فرد فرد.

وعليه ، فأفراد هذه الأصناف كنفسها مصارف للخمس ، لأنّ الكلّي قابل

__________________

(١) في ص ٣٣٨.

۳۸۶