فتحصّل : أنّ الفرق بين المهر والإجارة واضح ولا مجال لقياس أحدهما بالآخر ، فما ذكره من عدم الوجوب هو الأظهر.

وممّا ذكرناه يظهر الحال في عوض الخلع ، فإنّه أيضاً بإزاء رفع الزوج يده عن سلطانه ، عكس المهر ، فالزوجة تأخذ المهر بإزاء إعطاء السلطنة ، وهنا يأخذ الزوج العوض بإزاء إزالة السلطنة ، فهما من وادٍ واحد ، فلا يجب الخمس لا في نفس المهر ولا في عوض الخلع.

ثمّ إنّ صاحب الوسائل عنون الباب الحادي عشر من أبواب ما يجب فيه الخمس بقوله : باب إنّه لا يجب الخمس فيما يأخذ الأجير من اجرة الحجّ ، إلخ (١). فكأنّ اجرة الحجّ مستثناة من بقيّة الإجارات.

وهذا أيضاً ممّا لم يقل به أحد من الفقهاء ، وقد تمسّك قدس‌سره في ذلك بما رواه الكليني بسنده الصحيح في أحد طريقيه عن علي بن مهزيار ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : كتبت إليه : يا سيِّدي ، رجل دُفع إليه مالٌ يحجّ به ، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس ، أو على ما فضل في يده بعد الحجّ؟ فكتب عليه‌السلام : «ليس عليه الخمس» (٢).

وأنت خبير بما فيها من قصور الدلالة وإن صحّ السند :

أمّا أوّلاً : فلأجل أنّه لم يفرض فيها أنّ المال المدفوع إليه كان بعنوان الأُجرة ، ومن الجائز أن يكون قد بذل للصرف في الحجّ كما هو متعارف ومذكور في الروايات أيضاً من غير تمليك ولا عقد إجارة ، بل مجرّد البذل وإجازة الصرف في الحجّ. ومن الواضح عدم وجوب الخمس في مثل ذلك ، إذ لا خمس إلّا فيما يملكه الإنسان ويستفيده ، والبذل المزبور ليس منه حسب الفرض.

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٥٠٧.

(٢) الوسائل ٩ : ٥٠٧ / أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١١ ح ١ ، الكافي ١ : ٤٥٩ / ٢٢.

۳۸۶