إنّه قوّى عدم الخمس والتزم بالصدقة (١) ، عملاً بما دلّ على التصدّق بمجهول المالك في عدّة من الأخبار ، ولكن الرواية الأُولى السليمة عمّا يصلح للمعارضة صريحة فيما ذكرناه حسبما عرفت ، فلا محيص عن الالتزام به وصرف الرواية الثانية أعني : رواية السكوني عن ظاهرها.
هذا ، وقد ذهب المحقّق الهمداني قدسسره إلى التخيير بين الأمرين ، عملاً بكلتا الروايتين ، فله الصرف خمساً ، كما له الدفع صدقة ، وذكر قدسسره أنّ هذا هو الأوجه في مقام الجمع إن لم يكن إجماع على خلافه.
وملخّص ما ذكره قدسسره : أنّ تعلّق الخمس بالمختلط ليس معناه أنّ خمس المال ملك فعلي للسادة بحيث أنّ الخلط بمجرّد حصوله أوجب انتقال هذا الكسر من المال إليهم ابتداءً ويشتركون فيه مع المالك بنحوٍ من الشركة ، كما هو الحال في سائر أقسام الخمس من الغنائم والمعادن والكنوز ونحوها ، فليس تعلّق الخمس في المختلط كتعلّقه في سائر الأقسام ، بل الخمس هنا مطهّر ويكون الباقي له بعد التخميس.
وعليه ، فله التصدِّي للتطهير بنحوٍ آخر بأن يسلّم المال بأجمعه للفقير قاصداً به التصدّق بجميع ما للغير في هذا المال واقعاً ، فينوي الصدقة في حصّة المالك الواقعي ردّاً للمظالم ، وبما أنّ الحصّتين مجهولتان حسب الفرض فيقتسمان بعد ذلك بالتراضي أو القرعة أو نحو ذلك ، وبهذه الكيفيّة يحصل التطهير وتبرأ الذمّة أيضاً.
وعلى هذا فليس الخمس واجباً تعيينيّاً وكلمة العيني في كلامه قدسسره سهو من قلمه الشريف كما لا يخفى بل التخلّص من الضمان يتحقّق بكلّ من الأمرين حسبما عرفت. فهو إذن مخيّر بينه وبين الصدقة.
__________________
(١) المدارك ٥ : ٣٨٨.