أوجهها الأخير ، لعدم الترجيح بين الفعل والترك ، وشمول مثل «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» (١) له (٢) ، ولا مانع عنه عقلا ولا نقلا (٣).
__________________
ـ الوجه الرابع : التخيير بين الفعل والترك عقلا الثابت للعبد تكوينا من دون الحكم بشيء من التخيير أو الإباحة أو البراءة ، لا ظاهرا ولا واقعا.
وهذا الوجه نسبه المحقّق الأصفهانيّ إلى الشيخ الأعظم الأنصاريّ ، بل هو صريح عبارته في بعض نسخ فرائد الاصول. راجع نهاية الدراية ٢ : ٥٦٩ ، وفرائد الاصول ٢ : ١٨٣.
واختاره المحقّقان العلمان : النائينيّ والعراقيّ أيضا على ما في فوائد الاصول ٣ : ٤٤٤ و ٤٤٨ ، ونهاية الأفكار ٣ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣.
واستدلّا عليه بوجهين :
أحدهما : أنّه لا فائدة في جعل حكم ظاهريّ في المقام ، لعدم خلوّ المكلّف من الفعل أو الترك ، فلا يترتّب على جعله أثر شرعيّ ، بل يكون جعله لغوا.
وثانيهما : سقوط العلم الإجماليّ عن التأثير في التنجيز ، لعدم قدرة المكلّف على مراعات العلم الإجماليّ بالاحتياط.
وقد مرّ بعض الكلام حول ما أفاداه والمناقشة فيه.
الوجه الخامس : الحكم بالتخيير بين الترك والفعل عقلا مع الحكم عليه بالإباحة الشرعيّة. وهذا ما ذهب إليه المصنّف قدسسره وسيأتي الاستدلال عليه.
(١) هذا مضمون ما ورد لإثبات قاعدة الحلّ ، وقد ذكرنا نصّه في أدلّة البراءة. راجع الصفحة : ٣١ من هذا الجزء.
(٢) حيث كان مختار المصنّف قدسسره مركّبا من دعويين : التخيير عقلا ، والإباحة الظاهريّة شرعا :
فاستدلّ على الاولى بقوله : «لعدم الترجيح». وتوضيحه : أنّ في اختيار كلّ من الفعل والترك احتمال الموافقة والمخالفة ، وحيث لا مرجّح لأحدهما على الآخر فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجّح ، وهو قبيح.
واستدلّ على الثاني بقوله : «وشمول مثل ...». وتوضيحه : أنّ مدلول مثل حديث الحلّ هو حلّيّة المشكوك حرمته ظاهرا ، سواء دار أمر الشيء بين حرمته وإباحته ، أو بين حرمته ووجوبه ، أو بين حرمته واستحبابه ، فإنّ الشيء يكون مشكوك الحرمة في جميع هذه الموارد ، فإذا دار الأمر بين حرمة الشيء ووجوبه يصدق عليه أنّه مشكوك الحرمة ، فيشمله مثل حديث الحلّ ويحكم بإباحته ظاهرا.
(٣) أمّا المانع عقلا : فمثل ما يمنع عن جريان قاعدة الحلّ في الشبهة المحصورة ، فإنّ العقل يمنع عن جريانها في أطرافها ، بل يحكم بالاجتناب عن جميعها. ـ