[عدم اختصاص الرواية بالشبهة الحكميّة أو الموضوعيّة]
ثمّ إنّه حيث كان كلّ من الحكم الشرعيّ وموضوعه مع الشكّ قابلا للتنزيل بلا تصرّف وتأويل ، غاية الأمر تنزيل الموضوع بجعل مماثل حكمه ، وتنزيل الحكم بجعل مثله ـ كما اشير اليه آنفا ـ ، كانت قضيّة (١) «لا تنقض [اليقين بالشك] (٢)» ظاهرة في اعتبار الاستصحاب في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة. واختصاص المورد بالأخيرة لا يوجب تخصيصها بها ، خصوصا بعد ملاحظة أنّها قضيّة كلّيّة ارتكازيّة قد اتي بها في غير مورد لأجل الاستدلال بها على حكم المورد ، فتأمّل (٣).
__________________
(١) هذا جواب قوله : «حيث كان». وفي بعض النسخ : «كان قضيّة». والأولى ما أثبتناه.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في النسخ ، ولكن لا بدّ من إثباته.
(٣) توضيح ما أفاده ـ من دلالة الرواية على اعتبار الاستصحاب في الموضوعات والأحكام ـ أنّه تارة يستشكل في شمول الرواية للشبهة الموضوعيّة ، واخرى في شمولها للشبهة الحكميّة.
أمّا الأوّل : فبأنّه يعتبر في المجهول الشرعيّ أن يكون قابلا للجعل والتنزيل ، والموضوع الخارجيّ ـ كالعدالة ـ ليس قابلا له ، فلا معنى لأن يتعلّق به الجعل من الشارع بما هو شارع.
وأمّا الثاني : فبأنّ مورد الرواية هو الشبهة الموضوعيّة ، حيث أنّ الشكّ في انتقاض الطهارة نشأ من احتمال تحقّق النوم بالخفقة أو الخفقتين بعد العلم بأصل الحكم ـ أي ناقضيّة النوم لها ـ ، فلا تعمّ الشبهة الحكميّة.
أجاب المصنّف قدسسره عن الأوّل : بأنّ التعليل الوارد في الصحيحة ظاهر في كونه تعليلا بأمر ارتكازيّ عقلائيّ ، ومقتضاه إطلاق الرواية وإرادة كلّ يقين تعلّق بالموضوع أو بالحكم ؛ غاية الأمر أنّه إذا تعلّق بالموضوع يكون مقتضى «لا تنقض» جعل حكم مماثل لحكمه ، وإذا تعلّق بالحكم يكون مقتضاه جعل حكم مماثل لنفسه.
وأجاب عن الثاني : بأنّ العبرة بعموم الوارد ، لا بخصوصيّة المورد ، فإنّ مقتضى الاستدلال بكبرى ارتكازيّة هو التعميم.
ولا يخفى : أنّ المحقّق الاصفهانيّ ـ بعد التزامه بأنّ النهي عن نقض اليقين غير مراد جدّا ، بل قوله : «لا تنقض اليقين» قضيّة كنائيّة أمرها دائر بين أن يكون المراد بها النهي عن النقض العمليّ وبين أن يكون المراد بها النقض حقيقة ، وحينئذ تعيّن حملها على النهي عن النقض ـ