فعلا بعد غليانه وانتفاء حلّيّته ، فإنّه قضيّة نحو ثبوتهما ، كان بدليلهما أو بدليل الاستصحاب ، كما لا يخفى بأدنى التفات على ذوي الألباب ، فالتفت ولا تغفل (١).
[التنبيه] السادس : [استصحاب الشرائع السابقة]
لا فرق أيضا بين أن يكون المتيقّن من أحكام هذه الشريعة أو الشريعة السابقة إذا شكّ في بقائه وارتفاعه بنسخه في هذه الشريعة (٢) ، لعموم أدلّة الاستصحاب ،
__________________
(١) كيلا تقول في مقام التفصّي عن إشكال المعارضة : «إنّ الشكّ في الحلّيّة فعلا بعد الغليان يكون مسبّبا عن الشكّ في الحرمة المعلّقة» * فيشكل بأنّه لا ترتّب بينهما عقلا ولا شرعا ، بل بينهما ملازمة عقلا ، لما عرفت من أنّ الشكّ في الحلّيّة أو الحرمة الفعليّتين بعده متّحد مع الشكّ في بقاء حرمته وحلّيّته المعلّقة وأنّ قضيّة الاستصحاب حرمته فعلا وانتفاء حلّيّته بعد غليانه ، فإنّ حرمته كذلك وإن كان لازما عقلا لحرمته المعلّقة المستصحبة إلّا أنّه لازم لها ، كان ثبوتها بخصوص خطاب أو عموم دليل الاستصحاب ، فافهم ، منه [أعلى الله مقامه].
(*) هذا ما قال به الشيخ الأعظم الأنصاريّ في مقام التفصيّ عن إشكال المعارضة. راجع فرائد الاصول ٣ : ٢٢٣.
ولا يخفى : أنّ الأعلام اختلفوا في المقام ، فتفصّى عنه بعضهم بدعوى حكومة الاستصحاب التعليقيّ على الاستصحاب التنجيزيّ ، كالمحقّق النائينيّ والمحقّق العراقيّ والسيّد الإمام الخمينيّ ، فإنّ كلّ واحد منهم أفاد وجها في بيان الحكومة. وذهب بعض آخر إلى نفي الحكومة والتفصيّ بوجه آخر ، كالمحقّق الاصفهانيّ والسيّد الخوئيّ. راجع فوائد الاصول ٤ : ٤٧٣ ـ ٤٧٤ ، نهاية الأفكار ٤ : ١٧٠ ـ ١٧١ ، الرسائل ١ : ١٧٣ ـ ١٧٥ ، نهاية الدراية ٣ : ٢٠٩ ، موسوعة الإمام الخوئيّ (مصباح الاصول) ٤٨ : ١٧٠.
(٢) هذا مذهب كثير من المحقّقين ، منهم : الشيخ الأنصاريّ والمحقّق العراقيّ والوحيد البهبهانيّ ، بل عدّه المحدّث الاسترآباديّ من الضروريّات. راجع فرائد الاصول ٣ : ٢٢٥ ، الفوائد الحائريّة : ٤١٣ ، نهاية الأفكار ٤ : ١٧٤ ـ ١٧٥ ، الفوائد المدنيّة : ١٤٣.
وذهب بعض آخر إلى عدم جريان الاستصحاب في المقام ، منهم : صاحب الفصول والمحقّق القمّي والمحقّق النائينيّ والسيّدان العلمان الخمينيّ والخوئيّ. راجع الفصول الغرويّة : ٣١٥ ، قوانين الاصول ١ : ٤٩٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٨٠ ، الرسائل ١ : ١٧٦ ، دراسات في علم الاصول ٤ : ١٤٧ ـ ١٥١.