[التنبيه] الثاني : [حسن الاحتياط شرعا وعقلا]

أنّه لا شبهة في حسن الاحتياط شرعا وعقلا في الشبهة الوجوبيّة أو التحريميّة ، في العبادات وغيرها. كما لا ينبغي الارتياب في استحقاق الثواب فيما إذا احتاط وأتى أو ترك بداعي احتمال الأمر أو النهي.

[تقرير إشكال الاحتياط في العبادة]

وربما يشكل في جريان الاحتياط في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب من جهة أنّ العبادة لا بدّ فيها من نيّة القربة المتوقّفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا (١).

[ما قيل في الجواب عن إشكال الاحتياط ، والإيراد عليه]

وحسن الاحتياط عقلا (٢) لا يكاد يجدي في رفع الإشكال ولو قيل بكونه

__________________

(١) حاصل الإشكال : أنّه لا يمكن جريان الاحتياط فيما لو دار الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب. بيان ذلك: أنّه لا شكّ في اعتبار قصد القربة ـ بمعنى قصد امتثال الأمر ـ في العمل العباديّ ، وهو متوقّف على العلم بتعلّق أمر الشارع بالعمل تفصيلا ـ كالعلم بتعلّق الأمر بصلاة الظهر إذا حان وقته ـ أو إجمالا ـ كالعلم بتعلّق الأمر بإحدى الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة ـ ، فمع الجهل بتعلّق أمر الشارع بالعمل لا يمكن قصد القربة ، ومعلوم أنّ الشكّ بين الوجوب وغير الاستحباب يرجع إلى الشكّ بين تعلّق الأمر بالعمل وعدمه ، وإذا شكّ في تعلّق الأمر بالعمل لم يكن الاحتياط به من الاحتياط في العبادة ، فإنّ الاحتياط من العبادة عبارة عن الإتيان بمحتمل العبادة ، ومع عدم إحراز تعلّق الأمر بالعمل لا يمكن قصد امتثال الأمر به ، فيكون الإتيان به بلا نيّة القربة ، وحينئذ يعلم بأنّ المأتي به ليس عبادة قطعا.

هذا كلّه فيما إذا دار الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ، وأمّا إذا دار الأمر بين الوجوب والاستحباب ، فلا مجال للإشكال ، للعلم بالأمر المصحّح لنيّة القربة.

وهذا الإشكال تعرّض له الشيخ الأعظم في فرائد الاصول ٢ : ١٥٠ ـ ١٥١.

(٢) إشارة إلى الجواب الأوّل من الأجوبة الّتي ذكروها لدفع الإشكال المتقدّم. وهو مركّب ـ

۴۴۳۱