[تضعيف إيراد المحقّق الرشتيّ على الشيخ الأنصاريّ]
وقد أورد بعض أعاظم تلاميذه (١) عليه بانتقاضه بالمتكافئين من حيث الصدور ، فإنّه لو لم يعقل التعبّد بصدور المتخالفين من حيث الصدور مع حمل أحدهما على التقيّة لم يعقل التعبّد بصدورهما مع حمل أحدهما عليها ، لأنّه إلغاء لأحدهما أيضا في الحقيقة (٢).
وفيه : ما لا يخفى من الغفلة وحسبان أنّه قدسسره (٣) التزم في مورد الترجيح بحسب الجهة باعتبار تساويهما من حيث الصدور إمّا للعلم بصدورهما وإمّا للتعبّد به فعلا ، مع بداهة أنّ غرضه من التساوي من حيث الصدور تعبّدا تساويهما بحسب دليل التعبّد بالصدور قطعا ، ضرورة أنّ دليل حجّيّة الخبر لا يقتضي التعبّد فعلا بالمتعارضين ، بل ولا بأحدهما ، وقضيّة دليل العلاج ليست إلّا التعبّد بأحدهما تخييرا أو ترجيحا (٤).
__________________
(١) أي : تلاميذ الشيخ. وهو المحقّق الرشتيّ فى بدائع الأفكار : ٤٥٧.
(٢) قال المحقّق الرشتيّ : «لو لم يكن لتصديق الخبر ثمّ حمله على التقيّة معنى معقولا ، لكونه إلغاء له في المعنى وطرحا له في الحقيقة ، فيلزم من دخوله تحت أدلّة التصديق خروجه ، وما يلزم من وجوده عدمه فهو باطل ، فكيف يتعقّل الحمل على التقيّة في صورة التكافؤ وفقد المرجّح؟». بدائع الأفكار : ٤٥٧.
وحاصل الإيراد : أنّه لا وجه للتفكيك بين المتكافئين صدورا وبين المتخالفين كذلك ، بالالتزام بصدور الخبرين في الأوّل وحمل أحدهما على التقيّة ، والالتزام بصدور خصوص الراجح منهما صدورا في الثاني.
(٣) أي : المحقّق الرشتيّ.
(٤) وبتعبير أوضح : إنّ في غرض الشيخ من التعبّد بالخبرين وجهين :
أحدهما : أن يكون مراده من التعبّد بهما هو التعبّد الفعليّ والحجّيّة الفعليّة. وعليه يرد النقض المذكور على الشيخ ، إذ الحجّيّة الفعليّة مفقودة في كلّ من المتكافئين والمتخالفين ، بداهة أنّه لا يدلّ دليل الحجّيّة ـ وهو أدلّة حجّيّة خبر الواحد وأخبار العلاج ـ على حجّيّتهما أو حجّيّة أحدهما فعلا ، لأنّ مقتضى أدلّة حجّيّة خبر الواحد هو حجّيّة كلّ خبر بعينه ، وهي ينافي التعارض ؛ ومقتضى أخبار العلاج هو التعبّد بأحدهما تخييرا أو ترجيحا.