[التنبيه] الرابع : [حسن الاحتياط فيما لم يخلّ بالنظام]
أنّه قد عرفت (١) حسن الاحتياط عقلا ونقلا. ولا يخفى أنّه مطلقا كذلك حتّى فيما كان هناك حجّة على عدم الوجوب أو الحرمة ، أو أمارة معتبرة على أنّه ليس فردا للواجب أو الحرام ، ما لم يخلّ بالنظام فعلا ؛ فالاحتياط قبل ذلك مطلقا يقع حسنا ، كان في الامور المهمّة كالدماء والفروج أو غيرهما ، وكان احتمال التكليف قويّا أو ضعيفا ، كانت الحجّة (٢) على خلافه أو لا. كما أنّ الاحتياط
__________________
ـ وأمّا المحقّق العراقيّ : فذهب إلى جريان البراءة في هذه الصورة ، وأفاد ما حاصله : أنّ دائرة عدم الطبيعيّ تختلف سعة وضيقا بازدياد الأفراد وقلّتها ، لأنّ عدم الطبيعيّ عين عدم أفراده ، لا أنّه أمر حاصل منها. وعليه يرجع الشكّ في انطباق الطبيعيّ على المشكوك إلى الشكّ في مقدار دائرة المأمور به ، فيندرج في صغريات الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، فتجري أصالة البراءة. مقالات الاصول ٢ : ٢١٦ ، نهاية الأفكار ٣ : ٢٦٨.
وأمّا السيّد المحقّق الخوئيّ : فاختار جريان البراءة في هذه الصورة مستدلّا بأنّ الشكّ في المصداق في هذه الصورة شكّ في تعلّق التكليف الضمنيّ به ، فيرجع إلى البراءة. مصباح الاصول ٢ : ٣٢٥.
وأمّا السيّد الإمام الخمينيّ : فاستدلّ على جريان البراءة بأنّ النهي إذا تعلّق بصرف الوجود يكون أفراد الترك من قبيل المحصّلات من غير تعلّق نهي بها ، إذ النهي ليس طلب الترك كي يقال : «إنّ الطلب تعلّق بالترك قطعا ، والاشتغال اليقينيّ يقتضي الفراغ اليقينيّ» ، بل يكون مفاد النهى هو الزجر عن الطبيعة. ومع الشكّ في كون فرد محصّل الطبيعة أو مصداقها لا يكون النهي حجّة عليه بالنسبة إلى المشكوك فيه. أنوار الهداية ٢ : ١٤٩ ـ ١٥٠.
القسم الثالث : أن يكون النهي متعلّقا بالمجموع ، بحيث لو ترك فردا واحدا من الطبيعة فقد أطاع ، ولو ارتكب بقيّة الأفراد بأجمعها.
وهذا القسم لم يتعرّض له المصنّف قدسسره. ومعلوم أنّ في هذا القسم يجوز ارتكاب بعض الأفراد المتيقّنة مع ترك واحد منها ، فضلا عن الفرد المشكوك فيه.
وتشييد ما أفادوه يحتاج إلى بحث أوسع ، لسنا بصدده الآن ، فراجع عنه المطوّلات.
(١) راجع الصفحة : ٦٣ من هذا الجزء.
(٢) وفي بعض النسخ : «كان الحجّة ...». والصحيح ما أثبتناه.