قرينة على أنّه بمجرّد المقتضي وأنّ العارض مانع فعليّ. هذا ولو لم نقل بحكومة دليله على دليله (١) ، لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله ، كما قيل (٢).
[نسبة أدلّة القاعدة مع أدلّة أحكام العناوين الثانويّة غير الضرر]
ثمّ انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين ، كدليل نفي العسر ودليل نفي الضرر مثلا ، فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين ، وإلّا فيقدّم ما كان مقتضيه أقوى وإن كان دليل الآخر أرجح وأولى.
ولا يبعد أنّ الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما ، لا من باب التعارض ، لعدم ثبوته إلّا في أحدهما ، كما لا يخفى.
هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أوّليّ أو ثانويّ آخر.
[حكم تعارض الضرر مع ضرر آخر]
وأمّا لو تعارض مع ضرر آخر ، فمجمل القول فيه :
أنّ الدوران ، إن كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين ، فلا مسرح إلّا لاختيار أقلّهما لو كان ، وإلّا فهو مختار.
وأمّا لو كان بين ضرر نفسه وضرر غيره ، فالأظهر عدم لزوم تحمّله الضرر ، ولو كان ضرر الآخر أكثر ، فإنّ نفيه يكون للمنّة على الامّة ، ولا منّة على تحمّل الضرر لدفعه عن الآخر وإن كان أكثر.
نعم ، لو كان الضرر متوجّها إليه ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر.
اللهم إلّا أن يقال : إن نفي الضرر وإن كان للمنّة ، إلّا أنّه بلحاظ نوع الامّة ، واختيار الأقلّ بلحاظ النوع منّة ، فتأمّل.
__________________
(١) أي : لو لم نقل بحكومة دليل العنوان الثانويّ على دليل العنوان الأوّليّ.
(٢) أي : قيل بحكومة دليل نفي الضرر ـ وهو العنوان الثانويّ ـ على أدلّة أحكام العناوين الأوّليّة.
والقائل به هو الشيخ الأعظم في فرائد الاصول ٢ : ٤٦٢.