[ضعف الاستدلال بالاستصحاب على وجوب الباقي]
نعم ، ربما يقال : «إنّ قضيّة الاستصحاب في بعض الصور (١) وجوب الباقي في حال التعذّر أيضا». ولكنّه لا يكاد يصحّ إلّا بناء على صحّة القسم الثالث من استصحاب الكلّي (٢) ، أو على المسامحة في تعيين الموضوع في الاستصحاب وكان ما تعذّر ممّا يسامح به عرفا (٣) بحيث يصدق مع تعذّره بقاء الوجوب لو قيل بوجوب الباقي ، وارتفاعه لو قيل بعدم وجوبه. ويأتي تحقيق الكلام فيه (٤) في غير المقام (٥).
[ضعف الاستدلال بقاعدة الميسور على وجوب الباقي]
كما أنّ وجوب الباقي في الجملة ربّما قيل (٦) بكونه مقتضى ما يستفاد من
__________________
(١) وهي صورة العلم بوجوب الباقي قبل طرو العجز.
(٢) فيقال : إنّ المركّب ـ بما هو مركّب ـ واجب بالوجوب النفسيّ ، وأجزائه واجب بالوجوب الغيريّ. وإذا ارتفع الوجوب النفسيّ بمجرّد تعذّر واحد من الأجزاء يرتفع الوجوب الغيريّ المتعلّق بالأجزاء أيضا. وفي المقام نعلم بارتفاع الوجوب الغيريّ المتعلّق بالأجزاء الباقية بمجرّد ارتفاع الوجوب النفسيّ المتعلّق بالمركّب بالتعذّر ، ونشكّ في حدوث الوجوب للأجزاء الباقية بوجوب حادث نفسيّ مقارنا لتعذّر بعض الأجزاء ، فنستصحب الوجوب الجامع بين الغيريّ المرتفع بتعذّر البعض والنفسيّ المحتمل حدوثه للباقي مقارنا لارتفاع الوجوب الغيريّ.
(٣) أي : إنّ العرف يرى الباقي والمركّب التامّ شيئا واحدا.
(٤) أي : في صحّة القسم الثالث من الاستصحاب الكلّيّ أو المسامحة في تعيين الموضوع في الاستصحاب.
(٥) يأتي في التنبيه الثالث والتنبيه الرابع عشر من تنبيهات الاستصحاب ، فلاحظ الصفحة : ٢١٦ و ٢٢٣ من هذا الجزء.
ولا يخفى : أنّه قد ذكر في كتب الأعلام من المحقّقين وجوه أخر في تقريب الاستصحاب في المقام ، ثمّ وقعت هذه الوجوه موردا للنقض والإبرام. ولا يهمّ التعرّض لها. وإن شئت الاطّلاع عليها فراجع أجود التقريرات ٢ : ٤٤٤ ـ ٤٤٥ ، نهاية الدراية ٢ : ٦٩٧ ـ ٧٠١ ، نهاية الأفكار ٣ : ٤٤٩ ـ ٤٥٢ ، مصباح الاصول ٢ : ٤٧٢ ـ ٤٧٤ ، أنوار الهداية ٢ : ٣٨٠ ـ ٣٨٥ ، منتهى الاصول ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٧.
(٦) تعرّض له الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٢ : ٣٨٩.