فصل
[عدم انقلاب النسبة]
لا إشكال في تعيين الأظهر ـ لو كان في البين ـ إذا كان التعارض بين الاثنين.
وأمّا إذا كان بين الزائد عليهما فتعيّنه ربّما لا يخلو عن خفاء (١).
__________________
(١) توضيح محلّ النزاع أنّ التعارض قد يحصل بين دليلين ، وقد يحصل بين أكثر من دليلين.
وفي كلتا الصورتين لا بدّ من ملاحظة الأدلّة ، فإن كان التوفيق العرفيّ ممكنا ـ بأن كان دليل أظهر من غيره ـ فهو ، وإلّا فلا بدّ من إعمال قانون التعارض من الترجيح أو التخيير بينه وبين غيره.
إنّما الكلام في تشخيص الأظهر ، وهو فيما إذا كان التعارض بين الدليلين سهل ، ضرورة أنّه كلّ واحد منهما يلاحظ مع الآخر وبعد ملاحظة النسبة بينهما يتعيّن الأظهر. وأمّا تشخيصه فيما إذا كان التعارض بين أكثر من دليلين لا يخلو من صعوبة وخفاء. وذلك لأنّ النسبة بين الأدلّة ـ مثلا ـ قد تنقلب إلى نسبة اخرى بعد عمليّة العلاج بين بعضها ، فيبحث حينئذ عن أنّه هل يلاحظ النسبة الأوّليّة الثابتة بينها بلحاظ ظهوراتها الأوّليّة ، فيلاحظ الجمع والعلاج بين كلّ منهما وغيره دفعة واحدة ، أو تلاحظ النسبة الحادثة الثابتة بينها بعد ملاحظة الاثنين منها وعلاج التعارض بينهما؟
مثلا : إذا ورد «أكرم الأمراء» ، ثمّ ورد «لا تكرم فسّاقهم» ، وورد أيضا «لا يكره إكرام الأمراء الكوفيّين» فتكون النسبة بين الأوّل وكلّ واحد من الأخيرين عموما مطلقا. وأمّا إذا خصّص الأوّل بأحد الأخيرين تنقلب النسبة بينه وبين الآخر إلى العموم من وجه ، فإنّ النسبة بين «أكرم الأمراء» وبين «لا تكرم فسّاقهم» هو العموم المطلق ، لأنّ كلّ فاسق من الامراء أمير ، وليس كلّ أمير فاسقا ، كما أنّ النسبة بينه وبين «الامراء الكوفيّين» هو العموم المطلق ، كما هو واضح ؛ وأمّا بعد ملاحظة «أكرم الامراء» مع «لا تكرم فسّاقهم» وبعد العلاج بينهما تحصل قضيّة هي : «أكرم الامراء العدول» ، وتكون نسبة هذه القضيّة مع قضيّة «يكره إكرام ـ