المقام الأوّل
في دوران الأمر بين المتباينين (١)
[منجّزيّة العلم الإجماليّ]
لا يخفى : أنّ التكليف المعلوم بينهما مطلقا ـ ولو كانا فعل أمر وترك
__________________
ـ خصوص تلك الأطراف ، كما كان الإتيان بالأكثر موجبا للعلم بسقوط التكليف بالنسبة إلى جميع الأطراف ، وهذا هو الأقلّ والأكثر الاستقلاليّان ، ومثاله : ما إذا علم بأنّه مديون ، وتردّد بين كون ما عليه عشرة أو تسعة ، فإنّ إعطاء العشرة يوجب العلم بسقوط الدين بالنسبة إلى عشرة وتسعة ، وإعطاء التسعة أيضا يوجب العلم بسقوط الدين بالنسبة إلى خصوص التسعة.
وإمّا أن لا يكون الإتيان بسائر الأطراف غير الطرف الخاصّ ـ وهو الأكثر ـ موجبا للعلم بسقوط التكليف بالنسبة إلى خصوص تلك الأطراف ، لاحتمال مطلوبيّتها منضمّا إلى غيرها ، فحينئذ يكون الترديد بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، كما إذا علم بوجوب صلاة الظهر وتردّد بين أن يكون المكلّف به هو الصلاة مع السورة والقنوت أو هو الصلاة من دونهما أو هو الصلاة مع أحدهما ، فإنّ الإتيان بالأكثر ـ أي الصلاة مع السورة والقنوت ـ يوجب العلم بفراغ الذمّة بالنسبة إلى الصلاة من دونهما.
وأمّا الإتيان بسائر الأطراف ـ أي الصلاة مع السورة فقط أو مع القنوت فقط أو من دونهما ـ فلا يوجب حصول العلم بالفراغ أصلا ، لا بالنسبة إلى خصوص تلك الأطراف ولا بالنسبة إلى الطرف الخاصّ ـ أي الأكثر ـ.
وإن لم يكن في أطراف الترديد ما يكون الإتيان به موجبا للعلم بحصول الامتثال وسقوط التكليف بالنسبة إلى الأطراف الأخر ، فيكون من دوران الأمر بين امور متبايية ، سواء كان التباين ذاتيّا كدوران المكلّف به بين موضوعات مستقلّة كالصوم والصدقة والصلاة ، أو كان عرضيّا كما إذا كان المكلّف به موضوعا واحدا ذا أطراف متبايية ، بأن تكون النسبة بين تلك الأطراف نسبة بشرط شيء وبشرط لا ، كما إذا علم إجمالا بوجوب الصلاة وتردّد بين كونها قصرا أو تماما.
والحاصل : أنّه إذا دار الأمر بين الماهيّتين أو الماهيّات أو بين الماهيّة بشرط شيء وبين تلك الماهيّة لا بشرط فيكون من دوران الأمر بين المتباينين. وإذا دار الأمر بين الماهيّة بشرط شيء وبين تلك الماهيّة لا بشرط فيكون من دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر.
(١) يظهر ممّا ذكرنا في التعليقة السابقة أنّه كان الاولى ـ بل الصحيح ـ أن يقول : «دوران المكلّف به بين امور متباينة».