[الأوّل : استصحاب جواز التقليد]
منها : استصحاب جواز تقليده في حال حياته (١).
ولا يذهب عليك أنّه لا مجال له ، لعدم بقاء موضوعه عرفا ، لعدم بقاء الرأي معه (٢) ، فإنّه متقوّم بالحياة بنظر العرف ـ وإن لم يكن كذلك واقعا ـ ، حيث إنّ الموت عند أهله موجب لانعدام الميّت ورأيه.
ولا ينافي ذلك (٣) صحّة استصحاب بعض أحكام حال حياته ، كطهارته ونجاسته وجواز نظر زوجته إليه ؛ فإنّ ذلك (٤) إنّما يكون فيما لا يتقوّم بحياته عرفا ، بحسبان بقائه ببدنه الباقي بعد موته ، وإن احتمل أن يكون للحياة دخل في عروضه (٥) واقعا.
__________________
(١) هذا ما استدلّ به السيّد الطباطبائيّ في مفاتيح الاصول ، وقرّبه بتقريبين ، فراجع مفاتيح الاصول : ٦٢٤.
وتعرّض له أيضا الشيخ الأعظم الأنصاريّ ، فقال في تقريره : «وتقريره من وجوه ، فإنّه تارة يراد انسحاب الحكم المستفتى فيه ، واخرى يراد انسحاب حكم المستفتي ، وثالثة يراد انسحاب حكم المفتي.
فعلى الأخير يقال : إنّ المجتهد الفلاني كان ممّن يجوز الأخذ بفتواه والعمل مطابقا لأقواله ، وقد شكّ بعد الموت أنّه هل يجوز اتّباع أقواله أو لا؟ فيستصحب ، كما أنّه يستصحب ذلك عند تغيّر حالاته من المرض والصحّة والشباب والشيب ونحوها.
وعلى الثاني يقال : إنّ للمقلّد الفلاني كان الأخذ بفتوى المجتهد الفلاني حال الحياة ، وبعد الموت فشكّ فيه ، فيستصحب الجواز المعلوم في السابق.
وعلى الأوّل يقال : إنّ هذه الواقعة كان حكمها الوجوب بفتوى المجتهد الفلاني ، ونشكّ في ذلك ، فنستصحب حكمها.
[و] يمكن أن يقال : إنّ المكتوب فى الرسالة الفلانيّة كان جائزا لعمل ، فنستصحب جواز العمل به بعد الموت». مطارح الأنظار : ٢٥٩.
(٢) أي : مع الموت.
(٣) أي : عدم بقاء الرأي بالموت.
(٤) أي : صحّة استصحاب بعض أحكام حال حياته.
(٥) هكذا في النسخ ، ولكن اللغة لا يساعد عليه. والضمير يرجع إلى ما لا يتقوّم بحياة المفتي.