﴿وَإنْ مِنْ أهلِ الكِتابِ إلا لَيُؤمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (النساء /١٥٩) أي : وما أحد من أهل الكتاب إلاّ ليؤمِنَنّ به ، فحذف المبتدأ ، وبقيت صفته ، وعلى الجملة الفعلية ، نحو : ﴿إنْ أردنا إلاّ الْحُسْنى (التوبة /١٠٧).

وخرّج جماعة على «إن» النافية قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ مَكّـنّاهُمْ فِيما إنْ مَكّـنّاكُمْ فِيهِ (الأحقاف /٢٦) أي : في الذي ما مكناكم فيه ، وقيل : زائدة ، ويؤيد الأول ﴿مَكّـنّاهُمْ في الأرضِ ما لَمْ نُمَكّنْ لَكُمْ (الأنعام/ ٦) وكأنه إنما عدل عن «ما» ، لئلا يتكرر فيثقل اللفظ ، وقيل : بل هي في الآية بمعنى «قد» وإنّ من ذلك : ﴿فَذَكّرْ إنْ نَفَعَتِ الذّكرى (الأعلى / ٩).

وقيل في هذه الآية : إنّ التقدير : وإن لم تنفع ، مثل : ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ (النحل /٨١) أي : والبَرْد ، وقيل : إنما قيل ذلك بعد أن عمّهم بالتذكير ولزمتهم الحجة ، وقيل : ظاهره الشرط ومعناه : ذمهم واستبعاد لنفع التذكير فيهم ، كقولك : «عظ الظالمين إن سَمِعُوا منك» ، تريد بذلك الاستبعاد لا الشرط.

وقد اجتمعت الشرطية والنافية في قوله تعالى : ﴿ولَئنْ زالَتا إنْ أمْسَكَهُما مِنْ أحَد مِنْ بَعْدِهِ (فاطر /٤١) الاُولى شرطية ، والثانية نافية ، جوابٌ للقسم الذي آذنت به اللام الداخلة على الاُولى ، وجواب الشرط محذوف وجوباً.

وإذا دخلت على الجملة الاسميّة لم تعمل عند سيبويه والفراء ، وأجاز الكسائي والمبرّد إعمالها عملَ «ليس» ، وسمع من أهل العالية : «إنْ أحدٌ خيراً من أحد إلاّ بالعافية» و «إنْ ذلك نافعَك ولا ضارّك».

ومما يتخرج على الإهمال الذي هو لغة الأكثرين قول بعضهم : «إنَّ قائمٌ» وأصله : إنْ أنا قائمٌ ، فحذفت همزة «أنا» اعتباطا ، واُدغمت نون «إنْ» في نونها ، وحذفت ألفها في الوصل ، وسمع : «إنّ قائما» على الإعمال.

۲۹۱۱