الجميع كلامهم ، وقيل : العطف من كلام الله تعالى ، والمعنى : نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم ، وإن هذا تصديق لهذه المقالة كما أن ﴿رَجماً بِالغَيْبِ﴾ (الكهف /٢٢) تكذيب لتلك المقالة ويؤيده قول ابن عباس : حين جاءت الواو انقطعت العدَّةُ ، أي : لم تبق عدة عادّ يلتفت إليها.
فان قلت : إذا كان المراد التصديق فما وجه مجيء : ﴿قُلْ رَبّي أعْلَمُ بِعِدّتِهمْ ما يَعْلَمُهُمْ إلاّ قَليلٌ﴾ (الكهف /٢٢)؟
قلنا : وجه الجملة الاُولى توكيد صحة التصديق بإثبات علم المصدق ، ووجه الثانية الإشارة إلى أن القائلين تلك المقالة الصادقة قليل ، أو أن الذي قالها منهم عن يقين قليل ، أو لما كان التصديق في الآية خفيفاً لا يستخرجه إلا مثل ابن عباس قيل ذلك ولهذا كان يقول : أنا من ذلك القليل ، هم سبعة وثامنهم كلبهم.
العاشر : الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوقها بموصوفها وإفادتها أنّ اتصافه بها أمرٌ ثابت ، وهذا الواو أثبتها الزمخشري ومن قلّده وحملوا على ذلك مواضع ، الواوُ فيها كلّها واوُالحال ، نحو : ﴿وَعَسى أنْ تَكْرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (البقرة /٢١٦) الآية ﴿أوْ كَالّذي مَرّ عَلى قَرْيَة وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها﴾ (البقرة /٢٥٩) ﴿وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَة إلّا وَلها كِتابٌ مَعْلُومٌ﴾ (الحجر/٤) والمَسوّغ لمجي الحال من النكرة في هذه الآية أمران : أحدهما خاص بها ، وهو تقدم النفي. والثاني عام وهو امتناع الوصفية؛ إذ الحالُ متى امتنع كونُها صفةً جاز مجيئها من النكرة ، ولهذا جاءت منها عند تقدمها عليها ، نحو : «في الدّار قائماً رجُلٌ» وعند جمودها ، نحو : «هذا خاتمٌ حديداً» ومانع الوصفية في هذه الآية أمران : أحدهما خاص بها ، وهو اقتران الجملة بـ «إلا» ؛ إذ لا يجوز التفريغ