فصل
وإذا خفّفت «إنّ» ، نحو ﴿وَإنْ كانَتْ لَكَبِيرِةً﴾ (البقرة/١٤٣) فاللام عند سيبويه والأكثرين لام الابتداء أفادت ـ مع إفادتها توكيد النسبة وتخليص المضارع للحال ـ الفرق بين «إن» المخففة من الثقيلة و «إن» النافية؛ ولهذا صارت لازمة بعد أن كانت جائزة ، اللّهم إلاّ أن يدل دليل على قصد الإثبات كقراءة أبي رجاء : ﴿وإن كُلُّ ذلِكَ لما مَتاعُ الحَياة الدُّنيا﴾ (الزخرف /٣٥) بكسر اللام أي : للّذي.
ويجب تركها مع نفي الخبر كقوله (١) :
٢٠٣ ـ إن الحقُّ لايخفى على ذي بصيرة
وَإنْ هوَ لمْ يَعْدَمْ خِلافَ مُعانِد
وزعم أبو علي وأبوالفتح وجماعةٌ أنّها لامٌ غير لام الابتداء ، اُجتلبت للفرق ، وحجة أبي علي دخولها على الماضي المتصرف ، نحو : «إن زيدٌ لقامَ» وعلى منصوب الفعل المؤخر عن ناصبه في نحو : ﴿وَإنْ وَجَدْنا أكثَرَهُمْ لَفاسقينَ﴾ (الأعراف /١٠٢) وكلاهما لايجوز مع المشددة.
وزعم الكوفيون أن اللام في ذلك كلّه بمعنى «إلاّ» وأنّ «إنْ» قبلها نافية ، واستدلوا على مجيء اللام للاستثناء بقوله (٢) :
٢٠٤ ـ أمسى أبانُ ذليلاً بعدَ عَزّتهِ
وما أبانُ لَمِنْ أعْلاجِ سُودانِ
وقيل : اللام للابتداء على أنّ «ما» استفهام وتم الكلام عند «أبان» ثم ابتدأ : لمن أعلاج ، أي بتقدير : لهو من أعلاج ، وقيل : هي لام زيدت في خبر «ما» النافية
__________________
١ ـ قال البغدادي : «لم أقف على قائله وأصله». شرح أبيات مغني اللبيب : ٤/٣٥٤.
٢ ـ قال البغدادي : «هذا البيت لم يعرف قائله». شرح أبيات مغني اللبيب : ٤/٣٥٦.