أي : ما هم عليه هو أقلُّ معلوماته سبحانه ، وزعم بعضهم أنها في المثالين ونحوهما للتحقيق ، وأن التقليل في المثال الأول لم يستفد من «قد» بل من قولك : «الكذوب يصدق» ، فإنه إن لم يُحمل على أن صدور ذلك منه قليل كان فاسداً؛ إذ آخر الكلام يناقض أوله. ونظيره قول أميرالمؤمنين عليهالسلام : «قد يزهَق الحكيم» (١).
الرابع : التكثير ، قاله سيبويه في قول الهذلي :
١٥٥ ـ قد أتْرُكُ القِرْن مصفرّاً أنا ملُه
كأنَّ أثوابه مُجَّت بِفِرْصاد (٢)
الخامس : التحقيق ، نحو قوله تعالى : ﴿قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكّاها﴾ (الشمس / ٩).
وقول أبي طالب عليهالسلام في مدح الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم :
١٥٦ ـ لقد علِموا أنّ ابْننا لا مُكذّبٌ
لَدَينا ولا يُعنى بقول الأباطلِ (٣)
وقد مضى أنّ بعضهم حمل عليه قوله تعالى : ﴿قَدْ يَعْلَمُ ما أنْتُمْ عَلَيه﴾ (النور/ ٦٤) وهو الأظهر.
السادس : النفي ، حكى ابن سيدة : «قد كنت في خير فتعرفه» بنصب «تعرف» وهذا غريب ، ومحمله على خلاف ما ذكر ، وهو أن يكون كقولك للكذوب : «هو رجُل صادق» ثم جاء النصب بعدها نظراً إلى المعنى.
__________________
١ ـ غرر الحكم : ٢/٥٢٦.
٢ ـ قال السيوطي : «قال الزمخشري في شرح أبيات سيبويه : هو للهذلي وقيل : لعبيد بن الأبرص». شرح شواهد المغني ١/٤٩٤ ، وقال البغدادي : «ورأيته من قصيدة لعبيد بن الأبرص الأسدي».
شرح أبيات مغني اللبيب : ٤/١٠٧.
٣ ـ شرح مختارات أشعار العرب : ٩٧.