«ثُمّ» ومنه الآية ، وقوله تعالى : ﴿ثُمَّ خَلَقْنا النُّطفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَة فَخَلَقْنَا المُضغَةَ عِظاماً فَكَسَوْناَ العِظامَ لَحْماً (المؤمنون /١٤) فالفاءات بمعنى «ثُمّ» ، لتراخي معطوفاتها ، وتارة بمعنى الواو ، كقول امرئ القيس :

١٤٣ ـ قفانبكِ من ذكرى حبَيب ومنزل

بِسِقْطِ اللّوى بينَ الدّخُولِ فحوملِ (١)

وزعم الأصمعيُّ أن الصواب : روايته بالواو. لأنه لايجوز «جلست بين زيد فعمرو» واُجيب بأن التقدير : بين مواضع الدخول فمواضع حومل ، كما يجوز «جلستُ بين العلماء فالزّهاد».

الثالث : السببية ، وذلك غالبٌ في العاطفة جملة أو صفة ، فالأول ، نحو : ﴿فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ (القصص /١٥) والثاني ، نحو : ﴿لآكِلُونَ مِنْ شَجر مِنْ زَقُّوم فَمالِئونَ مِنْها البُطُونَ فَشاربُونَ عَلَيهِ مِنْ الحَمِيمِ (الواقعة ٥٢ ـ ٥٤) وقد تجي في ذلك لمجرد الترتيب نحو : ﴿فَراغَ إلى أهْلِهِ فَجاء بِعِجْل سمين فَقَرّبَهُ إلَيْهِمْ (الذاريات /٢٦ و ٢٧).

الثاني من أوجه الفاء : أن تكون رابطة للجواب ، وذلك حيث لايصلح لأن يكون شرطاً ، وهو منحصر في ستّ مسائل :

إحداها : أن يكون الجوابُ جملة اسمية ، نحو قوله تعالى : ﴿وَإنْ يَمْسَسْكَ بِخَير فَهُوَ عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ (الأنعام /١٧) وقول الكميت في آل البيت :

١٤٤ ـ فإن هي لم تَصْلُح لقومِ سِواهم

فإنّ ذوي القربى أحق وأقرب (٢)

الثانية : أن تكون فعلية كالاسمية ، وهي التي فعلها جامد ، نحو : ﴿وَمَن يَكُنِ

__________________

١ ـ شرح شواهد المغني : ١/٤٦٣.

٢ ـ شرح الهاشميات : ٤٣. والضمير (هي) يرجع إلى دعوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم إلى الإسلام.

۲۹۱۱