على أنّها تعفو الكلوم ، وإنما
نوكّل بالأدنى ، وإن جلّ ما يمضي (١)
أي : على أن العادة نسيان المصائب البعيدة العهد.
وتعلُّق «على» هذه بما قبلها عند من قال به ، كتعلق «حاشا» بما قبلها عند من قال به؛ لأنها أوصلت معناه إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج ، أو هي خبر لمبتدأ محذوف ، أي : والتحقيقُ على كذا ، وهذا الوجه اختاره ابن الحاجب قال : ودلّ على ذلك أن الجملة الاُولى وقعت على غير التحقيق ، ثم جيء بما هو التحقيقُ فيها.
والثاني : من وجهي على : أن تكون اسماً بمعنى «فوق» وذلك إذا دخلت عليها «مِن» كقوله (٢) :
١٣١ ـ غَدَتْ مِنْ عليهِ بعد ماتمَّ ظِمْؤها
تَصِلّ وعن قَيض بِبَيداء مَجْهَلِ
وزاد الأخفش موضعاً آخر وهو أن يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمّى واحد ، نحو : ﴿أمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَكَ﴾ (الأحزاب /٣٧) ؛ لأنه لايتعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل في غير باب «ظنّ وفقدَ وعدِمَ» ، لايقال : «ضربتُني» ولا «فرحت بي».
وفيه نظر؛ لأنها لو كانت اسماً في نحو هذه الآية لصحّ حلول «فوق» محلها ، ولأنها لو لزمت اسميتها لما ذُ كِر ، لزم الحكم باسمية «إلى» في نحو : ﴿فَصُرْهُنَّ إلَيكَ﴾ (البقرة /٢٦٠) ﴿وَاضْمُمْ إلَيك﴾ (القصص /٣٢).
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ١/٤٢١.
٢ ـ نُسب إلى مزاحم بن عمرو العقيلي ومزاحم بن الحارث. شرح شواهد المغني : ١/٤٢٦ ونسبه البغدادي إلى الأوّل. شرح أبيات مغني اللبيب : ٣/٢٦٧.