الثالث : أن كلاً منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للآخر ، فممّا انفردت به «إلى» : أنه يجوز كتبت إلى زيد كما جاء في قول أميرالمؤمنين عليه‌السلام : «فكتبت إليك كتابي مستظهراً به إن أنا بقيت لك أو فنيت» (١) ، وأنا إلى عمرو أي : هو غايتي كما جاء في الحديث النبوي : «أنا بك وإليك» (٢) ، و «سرت من البصرة إلى الكوفة» ولايجوز «حتى زيد وحتى عمرو وحتى الكوفة». أمّا الأولان فلأن «حتى» موضوعة لإفادة تقضّي الفعل قبلها شيئاً فشيئاً إلى الغاية و «إلى» ليست كذلك. وأمّا الثالث فلضعف «حتى» في الغاية فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية. وممّا انفردت به «حتى» : أنه يجوز وقوع المضارع المنصوب بعدها ، نحو : «سرت حتى أدخلها» وذلك بتقدير : «حتى أن أدخلها» ، و «أن» المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بـ «حتى» ولا يجوز «سرت إلى أدخلها» ، وإنما قلنا : إن النصب بعد «حتى» بـ «أن» مضمرة لا بنفس «حتى» كما يقول الكوفيون؛ لأنّ «حتى» قد ثبت أنّها تخفض الأسماء وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال وكذا العكس.

ولـ «حتّى» الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان : مرادفة «إلى» ، نحو قوله تعالى : ﴿حَتّى يَرْجِعَ إلَينا مُوسى (طه /٩١) وقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتّى يردا عليَّ الحوض» ومرادفه «كي» التعليلية ، نحو : ﴿هُمُ الّذينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ الله حتّى يَنفَضُّوا (المنافقون / ٧) ويحتملهما ﴿فَقاتِلُوا الّتي تَبْغي حَتّى تَفِيء إلى أمرِالله (الحجرات / ٩).

__________________

١ ـ نهج البلاغة : ك ٣١ /٩٠٧.

٢ ـ صحيح مسلم : ١/٥٣٥.

٣ ـ تاريخ الخلفاء : ١٧٣.

۲۹۱۱