ونقل ابن الخباز عن شيخه أنه للمتوسط وأن الذي للقريب «يا» وهذا خرق لإجماعهم.
الثاني : أن تكون للاستفهام ، وحقيقته طلب الفهم ، كقوله تعالى : ﴿فَلَمّا جاء السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرعَوْنَ أئنَّ لَنا لأجراً إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبينَ﴾ (الشعراء /٤١).
وقد اُجيز الوجهان في قراءة الحرميَّيْن وحمزة : ﴿أمَنْ هُوَ قانِتٌ آناء الَّيْل﴾ (الزّمر/ ٩).
وكون الهمزة فيه للنّداء هو قول الفرّاء. ويبعّده أنّه ليس في التنزيل نداء بغير «يا» ويقرّبه سلامته من دعوى المجاز ، إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته ، ومن دعوى كثرة الحذف ، إذ التقدير عند من جعلها للاستفهام : أمن هو قانت خيرٌ أم هذا الكافر؟ أي : المخاطب بقوله تعالى : ﴿تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَليلاً﴾ (الزّمر/٨) فحذف شيئان (١) : معادل الهمزة والخبر.
ولك أن تقول : لاحاجة إلى تقدير معادل في الآية ، لصحة تقدير الخبر بنحو (٢) : «كمن ليس كذلك» وقد قالوا في قوله تعالى : ﴿أفَمَنْ هُوَ قائمٌ على كُلِّ نَفْس بِما كَسَبَتْ﴾ (الرعد /٣٣) : إنّ التقدير : «كمن ليس كذلك» أو «لم يوحّدوه» ويكون ﴿وَجَعَلُوا لله شُرَكاء﴾ (الرعد /٣٣) ، معطوفاً على الخبر على التقدير الثاني.
والهمزة أصل أدوات الاستفهام ، ولهذا خصّت بأحكام :
الأول : جواز حذفها سواء تقدّمت على «أم» كقول امرؤ القيس :
__________________
١ ـ بل ثلاثة أشياء : الخبر ومعادل الهمزة وهو «أم» على ما صرح به ابن هشام في بحثها ، ومعادل مدخول الهمزة وهو ما دخلت عليه «أم». فتأمل.
٢ ـ قال الزمخشري : تقديره : أمن هو قانت كغيره. وذهب الزجاج إلى مثله. الكشاف : ٤ / ١١٦ ، معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٣٤٧.