لوجب عقلا موافقته مطلقا ، ولو كانت أطرافه غير محصورة.
وإنّما التفاوت بين المحصورة وغيرها هو أنّ عدم الحصر ربما يلازم ما يمنع عن فعليّة المعلوم (١) مع كونه فعليّا لولاه (٢) من سائر الجهات.
وبالجملة : لا يكاد يرى العقل تفاوتا بين المحصورة وغيرها في التنجّز وعدمه فيما كان المعلوم إجمالا فعليّا يبعث المولى نحوه فعلا أو يزجر عنه كذلك مع ما هو عليه من كثرة أطرافه.
والحاصل : أنّ اختلاف الأطراف في الحصر وعدمه لا يوجب تفاوتا في ناحية العلم. ولو أوجب تفاوتا فإنّما هو في ناحية المعلوم في فعليّة البعث أو الزجر مع الحصر وعدمها مع عدمه (٣) ؛ فلا يكاد يختلف العلم الإجماليّ باختلاف الأطراف قلّة وكثرة في التنجيز وعدمه ما لم يختلف المعلوم في الفعليّة وعدمها بذلك ؛ وقد عرفت آنفا أنّه لا تفاوت بين التفصيليّ والإجماليّ في ذلك (٤) ما لم يكن تفاوت في طرف المعلوم أيضا (٥) ، فتأمّل تعرف (٦).
وقد انقدح : أنّه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعيّة مع حرمة مخالفتها (٧) ، ضرورة أنّ التكليف المعلوم إجمالا لو كان فعليّا لوجبت موافقته
__________________
(١) كما أنّ عدم الحصر قد يلازم الخروج عن الابتلاء أو الاضطرار إلى ارتكابه ، وهما مانعان عن صيرورة الحكم المعلوم بالإجمال تامّ الفعليّة.
(٢) أي : لو لا ما يلزمه عدم الحصر من المانع عن فعليّة المعلوم ، كالخروج عن محلّ الابتلاء ونحوه.
(٣) وفي بعض النسخ : «وعدمهما مع عدمه». والصحيح ما أثبتناه.
(٤) أي : في التنجيز.
(٥) هكذا في النسخ. والظاهر زيادة كلمة «أيضا».
(٦) لا يخفى عليك : أنّ ما أفاده في المقام تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاريّ ، حيث فصّل بين الشبهة المحصورة وغير المحصورة ، فذهب إلى تنجيز العلم الإجماليّ ولزوم رعاية الاحتياط في الاولى وعدم تنجيزه في الثانية ، بل نقل الإجماع عليه. راجع فرائد الاصول ٢ : ٢٥٧.
(٧) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «مع حرمة المخالفة القطعيّة».