__________________

ـ بأوامر الإطاعة قياس مع الفارق ، لأنّ المانع عن تعلّق الأمر المولويّ بالطاعة ليس مجرّد استقلال العقل بحسنها ، ولا كون حسن الطاعة في رتبة متأخّرة عن الأمر ، بل المانع عن تعلّق الأمر المولويّ بها هو عدم قابليّة موردها للحكم المولويّ ، لكونه محكوما عليه بالحكم المولويّ ، فإثبات الحكم المولويّ الآخر في موردها لغو. ومعلوم أنّ هذا المانع في موارد الاحتياط مفقود ، ضرورة أنّه ليس في موارد الاحتياط إلّا مجرّد احتمال الأمر المولويّ ، وهذا الاحتمال لا يكفي للدعوة ، فلا مانع من أن يأمر المولى نحو المحتمل مولويّا. نهاية الدراية ٢ : ٥٢٢ ـ ٥٢٣.

وهذا الإيراد أورده السيّد المحقّق الخوئيّ أيضا على المحقّق النائينيّ بتقرير آخر. راجع مصباح الاصول ٢ : ٣١٧ ـ ٣١٨.

الثاني : ما أشار إليه بقوله : «بداهة توقّفه على ثبوته ... من مبادئ ثبوته؟!». وحاصله : أنّه لو سلّم استكشاف تعلّق الأمر المولويّ بالاحتياط من قاعدة الملازمة ، لا يكاد يجدى إثبات الأمر به في رفع الإشكال ، للزوم الدور. وتوضيحه : أنّ الاحتياط في العبادة عبارة عن إتيان العبادة بجميع ما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط ، ومن شرائطها إتيانها بقصد أمرها ، فلا يتحقّق الاحتياط في العبادة إلّا إذا احرز كونها مأمورا بها ، فالأمر بالاحتياط بهذا الاعتبار مقدّم على الاحتياط تقدّم الموضوع على حكمه ، وهو باعتبار كونه مستكشفا من حكم العقل بحسن الاحتياط مؤخّر عن الاحتياط تأخّر الحكم عن موضوعه. وعليه فالأمر بالاحتياط متوقّف على ثبوت الاحتياط ، وهو متوقّف على الأمر به ، وهذا دور باطل.

وقد أورد المحقّق الأصفهانيّ على هذا الوجه بما حاصله : أنّ العارض على قسمين :

أحدهما : عارض الوجود. وهو ما يحتاج إلى موضوع موجود ، كالبياض المحتاج في وجوده إلى موضوع موجود.

ثانيهما : عارض الماهيّة. وهو ما لا يحتاج إلى موضوع موجود خارجا أو ذهنا ، بل ثبوت المعروض هاهنا بثبوت عارضه ، والعروض تحليليّ ، كالفصل العارض على الجنس ، فإنّ الجنس في حدّ ذاته مبهمة ولا يتعيّن إلّا بعروض الفصل ، فلا ثبوت له إلّا بثبوت الفصل.

والحكم بالإضافة إلى موضوعه من قبيل عوارض الماهيّة ، فإنّ الحكم عارض على ماهيّة العمل لا على وجوده ، فلا يتوقّف ثبوته على ثبوت موضوعه ، بل يثبت موضوعه بثبوته ويكون العروض تحليليّا ، فلا دور ، إذ ليس هناك تعدّد الوجود حتّى يلزم الدور.

ثمّ تصدّى للمناقشة في الجواب الأوّل بوجه آخر ، فقال : «الأمر الاحتياطيّ إن تعلّق بذات الفعل بعنوانه لا بعنوان التحفّظ على الواقع فإنّه وإن أمكن أخذ قصد الأمر في موضوع ـ

۴۴۳۱