الفري بسائر شرائطها ، كما لا يخفى.
نعم ، لو علم بقبوله التذكية وشكّ في الحلّيّة فأصالة الإباحة فيه محكّمة ، فإنّه حينئذ إنّما يشكّ في أنّ هذا الحيوان المذكّى حلال أو حرام ، ولا أصل فيه إلّا أصالة الإباحة ، كسائر ما شكّ في أنّه من الحلال أو الحرام (١).
هذا إذا لم يكن هناك أصل موضوعيّ آخر مثبت لقبوله التذكية ، كما إذا شكّ ـ مثلا ـ في أنّ الجلل في الحيوان هل يوجب ارتفاع قابليّته لها أم لا؟ فأصالة قبوله لها معه محكّمة (٢) ، ومعها لا مجال لأصالة عدم تحقّقها ، فهو قبل الجلل كان يطهر ويحلّ بالفري بسائر شرائطها فالأصل أنّه كذلك بعده.
وممّا ذكرنا ظهر الحال فيما اشتبهت حلّيّته وحرمته بالشبهة الموضوعيّة من الحيوان ، وأنّ أصالة عدم التذكية محكّمة فيما شكّ فيها لأجل الشكّ في تحقّق ما اعتبر في التذكية شرعا.
كما أنّ أصالة قبول التذكية محكّمة إذا شكّ في طروء ما يمنع عنه ، فيحكم بها فيما احرز الفري بسائر شرائطها عداه (٣) ، كما لا يخفى ، فتأمّل جيّدا.
__________________
ـ وصريح كلام السيّد الإمام الخمينيّ ـ في كتاب الطهارة ٣ : ٥٢٥ ـ هو المعنى السادس.
هذا ، وتصديق بعض المحتملات خارج عن المقام ، فإنّه مربوط بالبحث الفقهيّ.
(١) وقد أورد عليه المحقّق الاصفهانيّ بما حاصله : أنّ القابليّة والخصوصيّة المفروضة في الحيوان تختلف بحسب الموارد ، فربّما حيوان له قابليّة للحلّيّة والطهارة فتؤثّر التذكية فيهما ، كما في تذكية مأكول اللحم ؛ وربّما حيوان له قابليّة للطهارة فقط فتؤثّر التذكية فيها فقط ، كما في تذكية غير المسوخ ممّا لا يؤكل لحمه ؛ وربّما حيوان له قابليّة للحلّيّة فقط فتؤثّر التذكية فيها فقط ، كما في السمك ، فإنّ ميتته طاهرة ولا ترتبط طهارته بتذكيته. وهذا يكشف أنّ الخصوصيّة والقابليّة المؤثّرة في بعض الحيوانات غير الخصوصيّة والقابليّة المؤثّرة في غيرها.
وعليه فإذا شككنا في حلّيّة الحيوان يرجع الشكّ إلى ثبوت القابليّة الّتي بها تؤثّر التذكية في حلّيّته وإن علمنا بثبوت القابليّة الّتي بها تؤثّر التذكية في طهارته ، ومعه لا مجال لأصالة الحلّ ، بل تجري أصالة عدم تلك القابليّة المستتبع عدم التذكية المؤثّرة في حلّيّته. نهاية الدراية ٢ : ٥١٤.
(٢) أي : فأصالة قبول الحيوان للتذكية مع الجلل محكّمة.
(٣) أي : ما عدا ما يمنع عن قبول التذكية.