التذكية ، فإنّه إذا ذبح مع سائر الشرائط المعتبرة في التذكية (١) فأصالة عدم التذكية تدرجه (٢) فيما لم يذكّ ، وهو (٣) حرام إجماعا كما إذا مات حتف أنفه. فلا حاجة إلى إثبات أنّ الميتة تعمّ غير المذكّى شرعا (٤) ، ضرورة كفاية كونه مثله (٥) حكما.
وذلك (٦) بأنّ التذكية إنّما هي عبارة عن فري الأوداج الأربعة مع سائر شرائطها عن خصوصيّة في الحيوان الّتي بها يؤثّر فيه الطهارة وحدها أو مع
__________________
ـ والرابعة : ما أشار إليه بقوله : «وممّا ذكرنا ظهر الحال فيما اشتبهت الحلّيّة ...». وهو إحدى صورتي الشبهة الموضوعيّة. وحاصلها : أن يشكّ في تذكية الحيوان وكان منشأ الشكّ فيها هو الشكّ في وجود ما يعتبر في التذكية من إسلام الذابح وتوجيه الحيوان إلى القبلة ونحوهما.
ذهب المصنّف قدسسره إلى جريان أصالة عدم التذكية في هذه الصورة ، فيحكم بنجاسة الحيوان وحرمة لحمه.
والخامسة : ما تعرّض له بقوله : «كما أنّ أصالة قبول التذكية محكّمة ...». وهذا صورة اخرى من الشبهة الموضوعيّة. وحاصلها : أن يشكّ في تذكية الحيوان وكان منشأ الشكّ فيها هو الشكّ في ارتفاع القابليّة من جهة احتمال طروء عنوان على الحيوان مانع عن قبوله التذكية ، كاحتمال الحبل في الشاة أو كونها موطوءة إنسان أو ارتضاعها من لبن خنزير.
فذهب المصنّف قدسسره إلى جريان الأصل الموضوعيّ واستصحاب بقاء قابليّته للتذكية.
(١) من كون الذابح مسلما وكون الذبح بالحديد ووقوع الذبح إلى القبلة والتسمية قبل الذبح.
(٢) وفي بعض النسخ : «تدرجها». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) أي : الحيوان ما لم يذكّ.
(٤) تعريض بكلام الشيخ الأعظم الأنصاريّ ، فإنّه ـ بعد أن تعرّض لحكومة أصالة عدم التذكية المقتضية للحرمة والنجاسة على أصالتي الإباحة والطهارة في اللحم المردّد بين المذكّى والميتة ـ قال : «وربما يتخيّل خلاف ذلك ... لمعارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت ، والحرمة والنجاسة من أحكام الميتة».
ثمّ أجاب عن إشكال المعارضة بجوابين ، ثانيهما قوله : «إنّ الميتة عبارة عن غير المذكّى ، إذ ليست الميتة خصوص ما مات حتف أنفه ، بل كلّ زهاق روح انتفى فيه شرط من شروط التذكية ، فهي ميتة شرعا». فرائد الاصول ٢ : ١٢٨ ـ ١٢٩ و ٣ : ١٩٩.
فأورد المصنّف قدسسره على الجواب المذكور بأنّ ثبوت الإجماع على لحوق أحكام الميتة لغير المذكّى من الحيوانات كاف في جريان أصالة عدم التذكية والحكم بنجاسة الحيوان وحرمته. فلا يحتاج إلى تعميم الميتة لغير المذكّى كما التزم به الشيخ الأنصاريّ.
(٥) أي : كون ما لم يذكّ مثل ما مات حتف أنفه.
(٦) أي : جريان أصالة عدم التذكية.