والمهمّ منها أربعة ، فإنّ مثل قاعدة الطهارة فيما اشتبه طهارته بالشبهة الحكميّة (١)

__________________

ـ ولا يخفى : أنّ تفصيل البحث عن كون الاصول العلميّة من المسائل الاصوليّة أو من القواعد الفقهيّة لا يسعه المقام ، بل خارج عن المقصود. ويمكن أن يقال : إنّ إكمال الدين وإتمام النعمة على العالمين بإنزال القرآن الكريم وإرسال الرسول الخاتم يقتضي رفع تحيّر المكلّفين في مقام العمل بالأحكام الشرعيّة. ومعلوم أنّ كلّ مكلّف ـ لو خلّي وطبعه ـ كان جاهلا بالأحكام الشرعيّة والوظائف الفعليّة ، كما كان جاهلا بغيرها من المعلومات. وهو بما يكون متشرّعا يعلم علما إجماليّا بتوجّه تكاليف فعليّة شرعيّة إليه ، فيجب عليه ـ بمقتضى حكم العقل بلزوم إطاعة المولى الّتي لا تتحقّق إلّا بامتثال تلك التكاليف الفعليّة الثابتة له ـ أن يسعى إلى تحصيل المعرفة بها ، فيجب عليه تعلّمها بالفحص عن أدلّتها من الكتاب والسنّة والإجماع إذا تمكّن من الفحص ، وإلّا يجب عليه تقليد من يطمئنّ إليه من المجتهد أو العمل بالاحتياط.

وإذا سعى إلى تعلّم الأحكام وفحص عن أدلّتها إمّا أن يظفر بما يدلّ على ثبوت أحكام خاصّة لموضوعات خاصّة ، وهي «المسائل الفقهيّة» ، ويجب العمل بها ؛ وإمّا أن يظفر بما يدلّ على ثبوت أحكام كلّيّة فعليّة يمكن انطباقها على مصاديق متعدّدة ، وهي «القواعد الفقهيّة».

غاية الأمر أنّ القواعد الفقهيّة ـ وهي الأحكام الشرعيّة الكلّيّة والوظائف العمليّة ـ قسمان :

الأوّل : الوظائف الفعليّة المجعولة الّتي تثبت للموضوعات ابتداء بالظفر بأدلّتها من العمومات والإطلاقات ، كما هو حال أكثر القواعد الفقهيّة.

الثاني : الوظائف الفعليّة المجعولة الّتي تثبت للموضوعات بالظفر بما يدلّ على ثبوتها حين عدم قيام دليل خاصّ أو دليل عامّ عليها ابتداء ، كالظفر بأدلّة البراءة أو الظفر بأدلّة الاحتياط أو الظفر بأدلّة الاستصحاب وهكذا ...

وبالجملة : يمكن اندراج الاصول العمليّة في القواعد الفقهيّة ، لأنّها ليست إلّا أحكام كلّيّة ووظائف فعليّة عمليّه لمن تتّبع عن حكم موضوع وظفر بالدليل عليها ، كسائر القواعد الفقهيّة. فلا امتياز للاصول العمليّة عن القواعد الفقهيّة.

(١) لا يقال : إنّ قاعدة الطهارة مطلقا تكون قاعدة في الشبهة الموضوعيّة ، فإنّ الطهارة والنجاسة من الموضوعات الخارجيّة الّتي يكشف عنها الشرع.

فإنّه يقال : أوّلا : نمنع ذلك ، بل إنّهما من الأحكام الوضعيّة الشرعيّة. ولذا اختلفتا في الشرائع بحسب المصالح الموجبة لشرعهما ، كما لا يخفى. وثانيا : إنّهما لو كانتا كذلك فالشبهة فيهما فيما كان الاشتباه لعدم الدليل على إحداهما كانت حكميّة ، فإنّه لا مرجع لرفعها إلّا الشارع ، وما كانت كذلك ليست إلّا حكميّة. منه [أعلى الله مقامه].

۴۴۳۱